هل يهدد التراشق السياسي وحدة التحالف الحكومي؟

تُثير الساحة السياسية المغربية حاليًا موجة من الجدل والترقب قبل موعد الانتخابات التشريعية لعام 2026، حيث يتجلى سباق محموم بين الأحزاب، سواء داخل التحالف الحكومي أو في صفوف المعارضة.
وبينما لا يزال المشهد السياسي يتسم بشيء من الغموض، تتضح بعض معالم الاستعدادات المبكرة التي تعكس حدة المنافسة المرتقبة.
في أروقة التحالف الحكومي، وعلى الرغم من التماسك الظاهري الذي يحرص قادته على تأكيده، ظهرت مؤخراً مؤشرات على توترات داخلية بين مكوناته.
التراشق السياسي، التصريحات النارية، والاصطفافات الحزبية الجديدة تسيطر على المشهد، في وقت يتأهب فيه المواطنون لمتابعة السباق الذي قد يعيد تشكيل مستقبل البلاد.
وقللت الحكومة، اليوم الخميس، من أهمية التراشق السياسي الذي ظهر بين قياديي الأحزاب المكونة للأغلبية الحكومية بقيادة عزيز أخنوش، وذلك رغم اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة نهاية عام 2026.
في مشهد سياسي يشهد توترًا متزايدًا، أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة أن "لا وصاية على الفضاء السياسي"، مما أثار تساؤلات حول مدى انعكاس هذه التوترات على وحدة التحالف الحاكم.
في الندوة الصحفية التي أعقبت اجتماع المجلس الحكومي، بدا الناطق الرسمي باسم الحكومة واثقًا في الفصل بين الخلافات السياسية والانسجام الحكومي.
وأوضح أن الفضاء السياسي يختلف تمامًا عن الفضاء الحكومي، مشيرًا إلى أن التصريحات والتقديرات الصادرة عن بعض القيادات الحزبية لا تمثل المواقف الرسمية للأحزاب المشاركة في الحكومة.
تصريحاته جاءت لتؤكد أن الأولوية بالنسبة للحكومة هي تنفيذ التزامات البرنامج الحكومي وتوجيهات الملك محمد السادس، رغم سخونة المشهد السياسي في الأفق.
ورغم محاولات التهدئة، إلا أن تصريحات الناطق الرسمي لم تحجب حقيقة أن الساحة السياسية باتت تعج بتوترات داخلية بين مكونات الأغلبية، مما يجعل التساؤل مطروحًا حول مدى تأثير هذه "التسخينات الانتخابية" على تحالف يبدو ظاهريًا منسجمًا لكنه يواجه تحديات واضحة مع اقتراب موعد الاستحقاقات البرلمانية.
ويظهر حزب التجمع الوطني للأحرار يظهر ثقة كبيرة في تصدر المشهد الانتخابي مجددًا.
ولا تتوقف قياداته عن الإشادة بحصيلته الحكومية، معتبرة أنها دليل قاطع على استحقاقه ولاية ثانية.
ويعول الحزب بقيادة عزيز أخنوش على تحقيق مكاسب جديدة، مدعومًا بالإنجازات التي يسوقها في مختلف القطاعات.
في المقابل، يبدو أن حزب الاستقلال، أحد حلفاء الحكومة، يسعى للعودة إلى الواجهة بقوة.
ويعكس طموح نزار بركة في قيادة الحكومة المقبلة يعكس رغبة الحزب في استعادة دوره التاريخي كأحد ركائز السياسة المغربية.
ففي لقاء حزبي بمدينة العرائش، يوم السبت الماضي، أعلن بركة رغبته في تصدر المشهد السياسي واستعادة دور حزبه التاريخي في قيادة الحكومة.
وشهد اللقاء حضورًا كثيفًا من أعضاء الحزب وأبناء المدينة، حيث استعرض إنجازات وزارته خلال السنوات الثلاث الماضية، في خطوة بدت كإعداد مبكر لحملته الانتخابية.
على الضفة الأخرى، يواصل حزب العدالة والتنمية محاولاته لاستعادة توازنه بعد التراجع الكبير الذي شهده في الانتخابات السابقة.
وتشير الاستعدادات لعقد مؤتمر وطني في أبريل 2025 إلى رغبة واضحة في مراجعة المسار السياسي والتنظيمي للحزب، أملاً في استعادة مكانته في المشهد الانتخابي.
فيما تشهد الساحة ظهور تحالفات جديدة، مثل تحالف "التكتل الشعبي"، الذي يضم أحزابًا تسعى لطرح خطاب مختلف وبرامج تركز على تلبية تطلعات المواطنين.
هذا التحالف يرى في نفسه بديلاً حقيقيًا للتحالف الثلاثي، ويطمح لجذب الناخبين الذين فقدوا الثقة في الأحزاب التقليدية.
من جهتها، تؤكد قيادات حزب الأصالة والمعاصرة، وعلى رأسها فاطمة الزهراء المنصوري، أن الحزب يطمح لتصدر الانتخابات المقبلة.
وأكدت فاطمة الزهراء المنصوري، المنسقة الوطنية لحزب الأصالة والمعاصرة، مؤخرا، أن حزبها يطمح لتصدر الانتخابات المقبلة، مشددة على أن نسب المشاركة وتوجهات الناخبين ستلعب دورًا حاسمًا في تحديد النتائج.
وسط هذه الديناميات، تبدو الانتخابات المقبلة كساحة صراع مفتوح ستتحدد معالمها بناءً على عدة عوامل، من بينها نسب المشاركة الشعبية، توجهات الناخبين، والقدرة على تقديم برامج سياسية قادرة على مواجهة التحديات الراهنة.
بين طموحات الأحزاب الحاكمة ورغبات المعارضة في العودة، ستبقى الأنظار مركزة على التطورات السياسية خلال الأشهر المقبلة في انتظار ما ستكشف عنه صناديق الاقتراع في نهاية المطاف.