إحياء مشروع ربط القارتين.. مستجدات دراسة النفق البحري بين إسبانيا والمغرب

لا تزال إسبانيا تطارد حلماً يعود إلى 42 عاماً، مع إعادة إحياء فكرة طموحة تتجسد في إنشاء نفق بحري يربط بين القارتين الأوروبية والإفريقية عبر مضيق جبل طارق.
المشروع، الذي يسعى إلى تحقيق ربط مباشر بين الرباط ومدريد عبر السكك الحديدية، يعد واحداً من أكثر المشاريع الهندسية طموحاً على الإطلاق.
هذه الفكرة، التي وُلدت قبل عقود، تعود الآن إلى الواجهة، محملة بآمال جديدة وتحديات هندسية معقدة.
في خطوة مهمة نحو تحقيق هذا المشروع الضخم، فازت شركة “هيرينكنيشت إيبيريكا” الألمانية بعقد لإجراء دراسة جدوى حول إمكانية بناء النفق.
ووفقا لما أكدته الصحافة الاسبانية، فإن الشركة، المتخصصة في تصميم وتصنيع آلات الحفر العملاقة، تعمل حالياً على دراسة العوائق التكنولوجية واللوجستية التي قد تواجه تنفيذ المشروع، مما يجعل هذه الدراسة نقطة انطلاق جديدة لهذا الحلم الطويل.
وأكدت التقارير الاسبانية أن المسافة بين أقصر نقطتين في المضيق تبلغ 14 كيلومتراً، إلا أن عمق المياه البالغ 1000 متر في هذه المنطقة يمثل عقبة كبرى، مما دفع المهندسين إلى دراسة بدائل لمسارات أطول وأقل عمقاً، لا تتجاوز 300 متر.
ووصفت المتحدثة باسم شركة "هيرينكنيشت" مضيق جبل طارق بأنه "عنق الزجاجة" الذي يعيق حركة المرور بين شمال إفريقيا وأوروبا، مؤكدة أن النفق البحري المرتقب سيُحدث نقلة نوعية غير مسبوقة، حيث سيُضاعف بشكل كبير حركة نقل البضائع والركاب، مما يجعل هذا المشروع خطوة جريئة نحو ربط القارتين بممر حيوي واستراتيجي.
بحسب التقارير، يتم حالياً التركيز على اعتماد السكك الحديدية كوسيلة النقل الرئيسية للنفق المرتقب، بدلاً من الطرق التقليدية.
وسيبدأ المشروع، حسب ذات التقارير، بإنشاء نفق أحادي الأنبوب، مع إمكانية توسيعه مستقبلاً بنفق ثانٍ موازٍ، مما يتيح تدفقاً سلساً لحركة البضائع والركاب في الاتجاهين. هذه الخطة تعكس رؤية ديناميكية لتطوير ممر حيوي يعزز التواصل بين القارتين.
أما شركة "سيكجسا"، فتؤكد أن تصميم النفق المستقبلي بين إسبانيا والمغرب مستوحى من نفق "المانش" الشهير، الذي يربط فرنسا بالمملكة المتحدة.
المشروع سيشهد إنشاء أنفاق متوازية ذات مسارات فردية، حيث ستنطلق عليها قطارات عالية السرعة لنقل الركاب والبضائع في اتجاهين متعاكسين، مما يجعل من النفق مشروعاً هندسياً طموحاً وركيزة للتواصل الإقليمي والدولي.
تاريخياً، ترجع جذور فكرة هذا المشروع إلى القرن التاسع عشر، إلا أن الجهود الرسمية بدأت في عام 1979 باتفاق بين المغرب وإسبانيا.
ورغم الاجتماعات العديدة بين حكومتي البلدين، إلا أن التقدم كان محدوداً.
ولكن، تغيرت الأمور مؤخراً مع استضافة المغرب وإسبانيا والبرتغال لكأس العالم 2030، حيث بات المشروع يحظى بزخم أكبر في ظل تحسين العلاقات الثنائية، خاصة بعد تغير الموقف الإسباني من قضية الصحراء المغربية.
إضافة إلى ذلك، سبق أن قامت الحكومة الإسبانية بتأجير معدات متقدمة لقياس الزلازل بتكلفة تزيد عن 480 ألف يورو، ضمن جهودها لاستكشاف تحديات الأرضية البحرية.
وأبرمت العقود مع شركات متخصصة في علم الزلازل، مما يعكس جدية الطرف الإسباني في دراسة كافة الجوانب التقنية المتعلقة بالمشروع.