التلقيح أو الاستبعاد.. هذه خطة برادة لمواجهة تفشي الحصبة في المدارس

الكاتب : انس شريد

01 فبراير 2025 - 08:30
الخط :

في ظل تصاعد وتيرة انتشار داء الحصبة في المغرب، والذي بات يشكل تهديداً صحياً خطيراً لا سيما للأطفال، أقدمت وزارة التربية الوطنية على اتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة هذا الخطر الداهم.

فقد قررت الوزارة استبعاد التلميذات والتلاميذ الذين لم يتم تلقيحهم من المؤسسات التعليمية في حال ظهور حالات مرضية، وذلك في محاولة لحماية صحة الطلاب ومنع تفشي المرض بينهم.

هذه الخطوة تأتي في إطار استراتيجية أوسع تهدف إلى ضمان استمرارية العملية التعليمية مع الحفاظ على سلامة التلاميذ، خاصة في ظل الارتفاع الملحوظ في عدد الإصابات والوفيات الناجمة عن هذا المرض المعدي.

وقد أشارت الوزارة في مذكرة وجهتها إلى مسؤوليها الجهويين والإقليميين إلى أن هذه الإجراءات تتماشى مع التوصيات الصادرة عن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، والتي تحدد درجة خطورة الحالات الوبائية ومدى استعجالها. كما أكدت على ضرورة إغلاق المؤسسات التعليمية التي تتحول إلى بؤر وبائية، مع تنظيم آليات التعلم عن بعد لضمان استمرار العملية التعليمية. وتأتي هذه الخطوات في إطار المرسوم رقم 2.20.474 الصادر في 24 غشت 2021، والذي ينظم التعليم عن بعد ويحدد آليات تطبيقه بالتنسيق مع المديريات المركزية المعنية.

وفي سياق متصل، شددت الوزارة على أهمية الصحة الجسدية والنفسية للتلاميذ، مؤكدة أن هذه العوامل تلعب دوراً محورياً في تعزيز التحصيل الدراسي. وأوضحت أن الوضع الوبائي الحالي يتطلب اتخاذ إجراءات وقائية صارمة، خاصة مع تسجيل ارتفاع كبير في عدد الإصابات والحالات الحرجة في عدة مناطق من البلاد. وقد تم تسجيل أعلى معدلات الإصابة في مناطق طنجة-تطوان-الحسيمة وفاس-مكناس، بالإضافة إلى الرباط-سلا-القنيطرة والدار البيضاء-سطات، مما يؤكد سرعة انتشار الفيروس.

وفيما يتعلق بالحالات الفردية التي لا تشكل بؤراً وبائية، أكدت الوزارة على ضرورة استبعاد التلاميذ المصابين من المؤسسات التعليمية بناءً على نتائج الفحوصات الطبية، مع إشعار جمعيات أمهات وآباء وأولياء الأمور بحالة أبنائهم. كما دعت إلى ضرورة إبقاء الأطفال المصابين في المنزل حتى انتهاء فترة العلاج وشفائهم التام، وذلك لمنع انتقال العدوى إلى الآخرين.

ولمواجهة هذا التحدي الصحي، أعلنت الوزارة عن تنظيم حملة تلقيح واسعة النطاق ضد داء الحصبة ابتداءً من يوم الإثنين 3 فبراير 2025. وشددت على ضرورة توفير قاعات أو فضاءات ملائمة لإنجاز عملية التلقيح في ظروف مثالية، مع مراعاة تنظيم مسار التلاميذ ومنع الاكتظاظ. كما دعت الأطر الإدارية والتربوية إلى التعاون مع الفرق الطبية خلال عمليات التلقيح، مؤكدة أن اللقاح المعتمد قد أثبت فعاليته وسلامته عبر دراسات وتجارب سريرية طويلة.

وتكشف الأرقام الصادمة التي كشف عنها محمد اليوبي، مدير مديرية علم الأوبئة ومحاربة الأمراض بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، عن مدى خطورة الوضع الوبائي الحالي. فقد تم تسجيل 7633 إصابة لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 شهراً و11 سنة، و6429 حالة لدى الأشخاص ما بين 12 و36 سنة، و2028 حالة لدى من تجاوزت أعمارهم 37 سنة. كما تم تسجيل 1893 حالة لدى رضع أقل من 9 أشهر، و1693 حالة لدى من هم بين 9 أشهر و17 شهراً. هذه الأرقام تؤكد أن الفيروس لا يستثني أي فئة عمرية، مما يزيد من خطورته وتأثيره على المجتمع.

أما بالنسبة للوفيات، فقد أظهرت البيانات أن 42% منها سجلت لدى أطفال أقل من خمس سنوات، و24% لدى أشخاص تفوق أعمارهم 37 سنة، و15% ما بين 18 و36 سنة، و12% ما بين 5 و11 سنة، و7% ما بين 12 و17 سنة. هذه الأرقام المقلقة تبرز الحاجة الملحة إلى تعزيز جهود التلقيح واتخاذ إجراءات وقائية صارمة لحماية الأطفال والحد من انتشار هذا المرض الخطير.

ويبقى التلقيح السلاح الأكثر فعالية في مواجهة داء الحصبة، حسب ما أكدته الجهات المسؤولة خاصة في ظل تزايد عدد الحالات والوفيات.

وتؤكد وزارة التربية الوطنية أن هذه الإجراءات تأتي في إطار مسؤوليتها تجاه صحة وسلامة التلاميذ، مع الحفاظ على استمرارية العملية التعليمية. وفي ظل هذه الظروف الصعبة، يبقى التعاون بين جميع الأطراف المعنية، سواء كانت إدارية أو تربوية أو صحية، أمراً ضرورياً لمواجهة هذا التحدي الصحي الكبير.

آخر الأخبار