إشكالية صيانة الطرق القروية تتفجر في البرلمان.. من يتحمل المسؤولية؟

الكاتب : انس شريد

03 فبراير 2025 - 08:30
الخط :

في ظل تدهور واضح للطرق القروية التي تعاني من الإهمال وتردي البنية التحتية، تصاعدت مطالب نواب البرلمان باتخاذ تدابير استعجالية لصيانتها وإنقاذها من الانهيار التام.

هذه الطرق، التي تشكل شريان الحياة للمجتمعات الريفية، باتت تشكل خطرًا يوميًا على السكان، حيث الحفر العميقة والانهيارات المتكررة تعيق حركة التنقل وتعرقل وصول الخدمات الأساسية.

في جلسة برلمانية حادة، طالب النواب بخطة عاجلة لمعالجة هذه الإشكالية، مؤكدين أن استمرار الإهمال يهدد حياة المواطنين ويعمق الفوارق المجالية بين المدن والقرى.

في ظل تصاعد الجدل حول إدارة الطرق القروية في المغرب، عاد الفريق الاستقلالي إلى الواجهة اليوم ليُطالب بتمكين وزير التجهيز والماء، نزار بركة، من بسط نفوذه الكامل على هذه الطرق، معتبرين أن ذلك حق طبيعي لوزارته.

وفي خضم هذا النقاش، أثار النائب نور الدين مضيان، القيادي في حزب الاستقلال، إشكالية تتعلق بسياسة الوزارة الحالية، والتي تقتصر تدخلاتها على الطرق المصنفة فقط، متجاهلة بذلك الطرق القروية التي تشكل شريان الحياة للمجتمعات الريفية.

وأكد مضيان خلال جلسة الأسئلة الشفوية في مجلس النواب أن "هناك إشكالية حقيقية تتعلق بالطرق في العالم القروي"، مشيرًا إلى أن وزارة التجهيز لا تتدخل إلا في إطار الطرق المصنفة، وهو ما وصفه بـ"الإرث الذي ورثته الحكومة الحالية عن سابقتها".

ودعا إلى مراجعة هذه السياسة لتمكين المناطق القروية من الولوج الآمن إلى مشاريع الوزارة، معتبرًا أن "إنجاز الطرق حق ذاتي لوزارة التجهيز"، خاصة وأنها تمتلك الآليات والموارد البشرية اللازمة لذلك.

من جانبها، تساءلت النائبة البرلمانية نهى الموسوي، عضو فريق التقدم والاشتراكية، عن المعايير التي تعتمدها الوزارة في إنجاز الطرق الإقليمية بالعالم القروي، خاصة في المناطق التي تشهد تزايدًا سكانيًا أو تعتمد على الفلاحة كمصدر رئيسي للدخل.

كما أثارت تساؤلات حول خطط الوزارة لمراقبة تنفيذ المشاريع، مؤكدة على ضرورة ضمان تنفيذها وفق المعايير المحددة لتجنب التأخير أو إهدار الموارد المالية.

وأضافت الموسوي أن تعزيز التعاون بين الوزارة والمجالس المنتخبة يعد أمرًا ضروريًا لضمان مشاركة أكبر في عمليتي التخطيط والتنفيذ، بما يتماشى مع احتياجات السكان المحليين.

وفي رده على هذه التساؤلات والتعقيبات، أوضح الوزير نزار بركة أن "الأمر بالصرف بالنسبة للطرق القروية يقع على عاتق وزارة الفلاحة"، مشيرًا إلى أن وزارة التجهيز والماء لا تتدخل في الطرق القروية غير المصنفة.

وأضاف بركة أن "مخطط تقليص الفوارق المجالية يشمل الطرق القروية، وقد تم تخصيص نحو 37 مليار درهم لهذا الغرض"، مؤكدًا أن الوزارة وقعت اتفاقيات مع الجهات لتسريع إنجاز هذه الطرق، حيث تساهم الوزارة بنحو 30% من التكلفة الإجمالية.

كما أثار الوزير إشكالية صيانة الطرق القروية، مشيرًا إلى أن الميزانية المخصصة لفك العزلة عن العالم القروي، والتي تبلغ 37 مليار درهم، ستكون في حاجة إلى تعزيز في السنوات المقبلة لضمان صيانة هذه الطرق.

وأكد بركة أن الوزارة خصصت، ولأول مرة، جزءًا من ميزانيتها لصيانة الطرق القروية، معتبرًا ذلك خطوة مهمة نحو تحسين البنية التحتية في المناطق الريفية.

وأشار الوزير إلى وجود شراكة مع لجنة مشتركة مع الجهات لتحديد الأولويات في تطوير الطرق القروية، انطلاقًا من المعايير التقنية، وذلك بهدف النهوض بهذه الطرق وتحسين جودتها.

واختتم بركة حديثه بالتأكيد على أن "العالم القروي يستحق اهتمامًا أكبر، وأن الوزارة تعمل جاهدة لتلبية احتياجاته في إطار الاختصاصات المحددة لها".

هذا النقاش الذي دار في أروقة مجلس النواب يسلط الضوء على التحديات التي تواجه الطرق القروية في المغرب، والتي تعد شريان الحياة للمجتمعات الريفية.

وفي ظل المطالبات المتزايدة بتمكين وزارة التجهيز من بسط نفوذها على هذه الطرق، يبقى السؤال الأكبر: هل ستتمكن الحكومة من تلبية هذه المطالب وتحسين البنية التحتية في المناطق القروية، أم أن الإرث الإداري السابق سيستمر في عرقلة التقدم؟

آخر الأخبار