بين التفاؤل الحكومي وانتقادات النواب.. ملف النقل في المغرب على صفيح ساخن

الكاتب : انس شريد

03 فبراير 2025 - 09:30
الخط :

في خضم النقاشات البرلمانية الأخيرة، برزت إشكالية النقل كواحدة من أبرز التحديات التي تواجه المغرب، حيث طالب نواب بإنهاء مختلف الاشكاليات التي تعيق تطور هذا القطاع الحيوي، خاصة أن المغرب مقبل على استضافة عدد من التظاهرات العالمية، أهمها كأس العالم 2030.

وخلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب، أثار النواب قضايا متعددة، من بينها ضعف البنية التحتية للمطارات في المناطق النائية، وعدم عدالة توزيع الاستثمارات، بالإضافة إلى مشاكل السلامة الطرقية وغيرها من الأمور المرتبطة بالنقل.

وأكد النواب على ضرورة تبني سياسات عمومية شاملة تعطي الأولوية للمناطق المهمشة، وتضمن عدالة في توزيع الدعم والاستثمارات، بما يضمن تطوير منظومة نقل متكاملة وفعالة تلبي احتياجات المواطنين في جميع أنحاء البلاد.

في ظل تساؤلات برلمانية حول خطط وزارة النقل واللوجستيك لتطوير البنية التحتية للمطارات، أقر وزير النقل عبد الصمد قيوح بأن بلوغ عدد المسافرين في المطارات المغربية 32 مليون مسافر خلال السنة الماضية، مع توقعات بتضاعف هذا الرقم ثلاث مرات بحلول عام 2035، يستدعي توسيع المطارات وتحديث بنيتها التحتية.

وأكد الوزير أن الوزارة تعمل بشكل مكثف مع المكتب الوطني للمطارات على دراسة جديدة ستكون جاهزة في الأشهر القليلة المقبلة.

وأشار قيوح إلى أن الهدف من هذه الدراسة هو تقليل وقت المرور والانتظار في المطارات إلى 30 دقيقة كحد أقصى، وذلك في إطار استعدادات المغرب لاستقبال 60 مليون مسافر بحلول عام 2030، و90 مليون مسافر بحلول عام 2035.

وفي سياق تطوير النقل الجوي الداخلي، أوضح الوزير أن الوزارة تعمل على وضع منظومة تعتمد على الدعم لتوفير أسعار تفضيلية للركاب، خاصة في الرحلات المتجهة إلى المناطق البعيدة.

وقد تم توقيع ست اتفاقيات شراكة بين وزارتي الداخلية والاقتصاد والمالية والجهات الترابية المعنية، تشمل جهات مثل الداخلة وادي الذهب، والعيون الساقية الحمراء، وكلميم واد نون، ودرعة تافيلالت، والشرق، وطنجة تطوان الحسيمة. وتشمل هذه الاتفاقيات خطوطًا جوية تربط مدنًا مثل الدار البيضاء والداخلة، والدار البيضاء والعيون، والدار البيضاء وكلميم، والدار البيضاء والرشيدية، والدار البيضاء ووجدة.

وبلغ الدعم المقدم لهذه الخطوط 60 مليون درهم، حيث نقلت الخطوط الملكية الجوية حوالي 2.28 مليون مسافر بفضل هذه الاتفاقيات.

إلى جانب ذلك، أشار قيوح إلى أن شركة "Air Arabia" فتحت عدة خطوط جوية داخلية، مثل الرباط-أكادير، وأكادير-طنجة، وأكادير-فاس، وطنجة-الناظور، حيث تم تخصيص دعم بقيمة 24 مليون درهم لهذه الخطوط.

كما أبرز الوزير أن النموذج الثالث لتطوير النقل الجوي يتعلق بفتح المجال أمام شركات أجنبية، مثل شركة "ريان إير"، التي بدأت تشغيل 14 رحلة أسبوعية تربط 9 مطارات مغربية منذ مارس 2024.

غير أن هذه الخطط لم تقنع بعض النواب البرلمانيين، حيث انتقد عبد الرحيم شهيد، رئيس فريق الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، تركيز الحكومة على توسيع المطارات الكبرى على حساب المناطق النائية.

وأشار إلى حالة مطار زاكورة، الذي استثمرت فيه الدولة 3 مليارات درهم، بينما لا يستقبل سوى ثلاث طائرات أسبوعية بسعة 35 راكبًا فقط. ووصف شهيد هذا الأمر بأنه "غير مقبول"، داعيًا إلى إعطاء الأولوية للمناطق البعيدة مثل طانطان والناظور ووجدة، التي تعاني من نقص في الخدمات اللوجستية.

من جهة أخرى، تطرق النقاش إلى مشكلة حوادث السير في المغرب، حيث أشار قيوح إلى أن مشروع "الدراجة الآمنة"، الذي تنفذه الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، يهدف إلى توزيع 50 ألف خوذة، منها 30 ألف خوذة سيتم توزيعها في مراكش خلال المؤتمر الوطني للسلامة الطرقية المزمع عقده قريبًا.

وأكد الوزير أن حوادث السير زادت في السنوات الأخيرة بسبب ظهور ظواهر جديدة مثل توصيل الطعام (ديليفري) واستخدام الدراجات النارية (تريبورتور)، مما يستدعي تعزيز إجراءات السلامة.

وفيما يتعلق بدعم مهنيي النقل، أشار النائب حسن الصناك إلى أن نسبة كبيرة من العاملين في القطاع لا يستفيدون من الدعم بسبب عدم اعتراف الوزارة بالعقود المبرمة بين أصحاب الرخص والمهنيين.

ودعا إلى اعتماد نموذج مشابه للنموذج الذي تم تطبيقه في قطاع سيارات الأجرة، حيث تم إحداث عقد مهني بين الكاري والمكتري، مما ساهم في حل مشكلة الاستفادة من الدعم.

من جانبه، أكد الوزير قيوح أن الحكومة خصصت غلافًا ماليًا بقيمة 8.5 مليار درهم لدعم قطاع النقل، وذلك في إطار استجابة استثنائية لارتفاع أسعار المحروقات في السوق الدولية عام 2022.

وأشار إلى أن هذا الدعم يهدف إلى الحفاظ على التوازن الاقتصادي للعاملين في قطاع النقل، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي يواجهها القطاع.

فيما شدد النائب عادل السباعي على ضرورة تطوير منظومة النقل بشكل شامل، مشيرًا إلى أن المغرب بحاجة إلى سياسة عمومية متكاملة لتحسين النقل السككي وتطوير شبكة القطار الجهوي السريع.

وأكد أن وجود قطارات غير مكيفة أو غير ملتزمة بالمواعيد، بالإضافة إلى البنية التحتية الضعيفة للمطارات، لم يعد مقبولًا في مغرب اليوم.

ودعا إلى اعتماد التطبيقات الذكية في النقل لتحسين تجربة المسافرين وضمان نجاح التظاهرات الرياضية المرتقبة.

بشكل عام، تظل تحديات النقل في المغرب متعددة الأوجه، بدءًا من تطوير البنية التحتية للمطارات وصولًا إلى تحسين السلامة الطرقية ودعم مهنيي القطاع.

وفي ظل التوقعات بزيادة عدد المسافرين بشكل كبير في السنوات المقبلة، خاصة أن المغرب مقبل على استضافة تظاهرات عالمية، تبرز الحاجة إلى خطط استراتيجية شاملة تعطي الأولوية للمناطق النائية وتضمن عدالة توزيع الاستثمارات.

آخر الأخبار