بين التعقيم والمحاجز.. جماعة الدار البيضاء تبحث عن مخرج لأزمة الكلاب الضالة

وسط تصاعد شكاوى المواطنين والفعاليات المدنية، تحولت شوارع الدار البيضاء ومحيطها إلى مسرح لانتشار مقلق للكلاب الضالة، ما أثار حالة من الخوف والتوجس، خاصة مع تزايد الحوادث التي تهدد سلامة المارة، وخصوصًا الأطفال.
ولم يعد هذا المشهد مقتصرًا على الأحياء الشعبية، بل امتد ليطال المدارات الحيوية والمناطق الراقية، مما أجج مطالبات عاجلة بتدخل حاسم من السلطات العمومية لوضع حد لهذه الظاهرة وإيجاد حلول جذرية تضمن أمن الساكنة وسلامتها.
وتتزايد المطالب بإحداث فضاءات مخصصة لاحتواء الكلاب الضالة، إلى جانب تنفيذ برامج تعقيم فعالة للحد من تكاثرها، في محاولة لإيجاد حلول مستدامة لهذه الظاهرة التي تؤرق الساكنة.
لكن في المقابل، ترتفع أصوات المدافعين عن حقوق الحيوانات، الذين يعارضون بشدة حملات الإعدام التي تلجأ إليها بعض الجماعات المحلية، معتبرين أنها ليست حلاً ناجعًا، بل مجرد إجراء قاسٍ لا يحقق الهدف المنشود، حيث سرعان ما تعود الكلاب للتكاثر، مما يستدعي اعتماد استراتيجيات أكثر إنسانية وفعالية.
ويشكو سكان الدار البيضاء من الإزعاج اليومي الذي تسببه هذه الكلاب، خاصة خلال الليل بسبب النباح المستمر الذي يعيق راحتهم.
كما يعبر بعض المواطنين عن خوفهم من التنقل ليلاً، خاصة في الأحياء الشعبية، حيث أصبحوا يتجنبون حتى الذهاب إلى المساجد لأداء صلاة الفجر خوفًا من تعرضهم لهجمات من هذه الكلاب.
في هذا الإطار، تتجه جماعة الدار البيضاء خلال دورتها العادية لشهر فبراير الجاري إلى دراسة والتصويت على مشروع اتفاقية شراكة بين مجلس جماعة الدار البيضاء والمركز المغربي للصحة الحيوانية وشركة التنمية المحلية الدار البيضاء للبيئة.
وتهدف هذه الاتفاقية إلى معالجة ظاهرة الكلاب والقطط الضالة من خلال برامج الإخصاء والتعقيم، بالإضافة إلى علاج الجرحى منها (TNRV).
كما سيتم التصويت على مشروع ملحق تعديلي لاتفاقية شراكة بين المديرية العامة للجماعات الترابية ومجلس جماعة الدار البيضاء وشركة التنمية المحلية الدار البيضاء للبيئة، وذلك من أجل إحداث وتجهيز محجز خاص بالحيوانات الضالة.
هذه الخطوات تأتي في إطار الجهود الرامية إلى إيجاد حلول مستدامة لهذه الظاهرة التي باتت تهدد سلامة المواطنين وتؤثر على جودة حياتهم، خاصة أن الدار البيضاء مقبلة على أن تلعب دورا بارزا خلال التظاهرات العالمية، أبرزها كأس أمم إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030.
ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق التوازن بين حماية حقوق الحيوانات وضمان سلامة المواطنين، في وقت تزداد فيه الحاجة إلى تدابير فعالة وعاجلة لمعالجة هذه القضية التي لم تعد تحتمل التأجيل.