المغرب يطلق درعا تشريعيا لحماية تراثه من تعديات الجزائر

الكاتب : انس شريد

05 فبراير 2025 - 07:30
الخط :

في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه التراث المغربي، خاصة مع محاولات سرقة رموزه الثقافية من قبل جهات أجنبية، يأتي قانون حماية التراث الجديد كدرع واقٍ يحمي هوية المغرب العريقة.

وفي إشارة واضحة إلى الجزائر، أكد وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، أن هذا القانون يهدف إلى صدّ محاولات السرقة والترامي على التراث المغربي، الذي يشكل جزءًا لا يتجزأ من تاريخ وهوية المملكة.

وصادق مجلس النواب، اليوم الأربعاء، بالإجماع على مشروع قانون رقم 33.22 المتعلق بحماية التراث، في جلسة عامة خصصت للدراسة والتصويت على هذا المشروع الذي يُعتبر خطوة تاريخية في مسار تحصين التراث الوطني.

وأكد بنسعيد أن هذا القانون يكتسي أهمية بالغة بالنظر إلى التاريخ العريق للمملكة المغربية وثراء تراثها المتنوع، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تأتي في ظل التهديدات والمخاطر التي يتعرض لها التراث المغربي، خاصة في شقه غير المادي.

وأوضح الوزير أن مشروع القانون يهدف إلى تأهيل الترسانة التشريعية في مجال حماية التراث الثقافي والطبيعي والجيولوجي، وذلك لسد الثغرات التي يعاني منها القانون الحالي رقم 22.80 الذي يعود إلى سنة 1980.

كما أشار إلى أن هذا المشروع يأتي لمواكبة التشريعات الحديثة المعمول بها في الدول المتقدمة، وليتماشى مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، بما في ذلك اتفاقيات منظمة اليونيسكو.

من بين المقتضيات الجديدة التي جاء بها القانون، حسب بنسعيد، إدراج تعريفات جديدة لأنواع التراث الثقافي والطبيعي والجيولوجي، بما يتوافق مع المفاهيم الدولية الحديثة. كما تم إدخال مفهوم "المجموعات التاريخية"، التي تشمل ممتلكات عقارية مجتمعة ذات قيمة معمارية أو تاريخية، مثل المدن العتيقة والقصور والقصبات.

بالإضافة إلى ذلك، أضاف القانون صنفًا جديدًا للتراث الثقافي المغمور بالمياه، والذي يشمل الآثار الإنسانية التي ظلت مغمورة بالمياه لمدة 100 سنة على الأقل، مثل حطام السفن والمواقع الأثرية المغمورة.

ولم يقتصر القانون على حماية التراث المادي فقط، حسب الوزير  بل شمل أيضًا التراث غير المادي، الذي يتضمن الممارسات الثقافية والتقاليد والمعارف والمهارات التي تعتبرها الجماعات جزءًا من هويتها.

كما تم إدخال مفهوم "الكنوز الإنسانية الحية"، الذي يهدف إلى ضمان استمرارية نقل المعارف والمهارات عبر الأجيال.

وأشار بنسعيد إلى أن القانون الجديد يهدف أيضًا إلى إنشاء سجل وطني لجرد التراث، يشمل جميع أنواع التراث الثقافي والطبيعي والجيولوجي.

ووفقا للمتحدث ذاته، سيتم إعداد مخططات تدبير التراث، التي ستحدد التوجهات الإستراتيجية والبرامج اللازمة لحماية هذا التراث وتثمينه.

بالإضافة إلى ذلك، سيتم تشديد العقوبات على المخالفات المتعلقة بالتراث، بما يضمن حمايته من أي اعتداءات أو إهمال.

وفي مداخلة لها، أكدت النائبة البرلمانية زهرة المومن، عن حزب التقدم والاشتراكية، أن مشروع القانون يأتي في سياق تأمين وحماية الموروث الوطني الذي يتعرض للسرقة والانتهاك من قبل جهات أجنبية.

وأشارت إلى أن هذه المبادرة التشريعية كانت ضرورية لتحديث التشريع الوطني وملاءمته مع المعايير الدولية، خاصة اتفاقية اليونيسكو التي صادق عليها المغرب منذ سنة 1981.

ودعت المومن إلى تعزيز التعاون بين جميع المتدخلين للحفاظ على التراث المغربي، مع التركيز على توفير الدعم المادي اللازم لتنفيذ هذه الحماية.

كما طالبت بتعزيز التدابير القانونية والدبلوماسية للدفاع عن الرموز الثقافية المغربية في المحافل الدولية، مؤكدة أن حماية التراث ليست مجرد مسؤولية ثقافية، بل واجب وطني يعكس هوية المغرب وعبقريته التاريخية.

وشدد النائب البرلماني عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، العياشي لفرفار، على الأهمية الجوهرية للتراث المغربي، واصفًا إياه بأنه ليس مجرد إرث ثقافي، بل هو روح الهوية الوطنية وجسر يربط بين الماضي والحاضر، وضمانة لاستمرارية التاريخ.

وأعرب لفرفار عن فخره بكون المغرب يصدر للعالم سحره الثقافي وجماله الفريد، لكنه حذر بشدة من محاولات السطو على هذا الإرث أمام أعين الجميع.

مبرزا أن هذا القانون يعتبر درع يحمي كنوزنا وجندي يحارب من أجل صون ما نملك والحفاظ على جودته.

هذه الخطوة التشريعية تأتي في وقت يشهد فيه التراث المغربي تحديات كبيرة، خاصة مع محاولات سرقة رموزه الثقافية، مثل الزليج المغربي والقفطان التقليدي، من قبل جهات أجنبية، خاصة الجزائر.

ويأمل المغرب أن يكون هذا القانون خطوة مهمة نحو تعزيز حماية تراثه، ليس فقط على المستوى الوطني، ولكن أيضًا على المستوى الدولي، حيث يسعى إلى ترسيخ مكانة تراثه كجزء لا يتجزأ من التراث الإنساني العالمي.

آخر الأخبار