اتهامات بإغراق مالية الدار البيضاء بالتزامات تفوق قدرتها

الكاتب : انس شريد

06 فبراير 2025 - 10:00
الخط :

في ظل تصاعد الجدل حول أداء المجلس الجماعي لمدينة الدار البيضاء، تتجه الأنظار نحو قضية بيع ممتلكات المدينة، التي باتت واحدة من أكثر الملفات سخونة وإثارة للجدل داخل الأوساط السياسية والحقوقية.

وتواجه الأغلبية المسيرة اتهامات من المعارضة بتفويت ممتلكات تابعة للمدينة دون شفافية كافية، وسط غياب المعلومات الواضحة حول الإجراءات المتبعة في هذه العمليات، مما يثير مخاوف حول مستقبل العقارات الجماعية وطريقة تدبير المالية العمومية في المدينة.

وتتهم المعارضة المجلس الجماعي ببيع ممتلكات الدار البيضاء على نحو تدريجي، لصالح جهات محظوظة دون فتح نقاش عمومي أو الإعلان عن معايير واضحة لاختيار المستفيدين.

وخلال أشغال الدورة العادية للمجلس الجماعي لشهر فبراير، شن عبد الصمد حيكر، رئيس فريق العدالة والتنمية داخل المجلس، هجومًا حادًا على طريقة تدبير هذا الملف، معتبرًا أن تثمين الممتلكات الجماعية ظل عند مستوى الصفر، بينما تهيمن على المشهد الانتقائية والغموض، مع بيع المدينة بشكل متدرج دون أي رؤية استراتيجية واضحة.

واعتبر حيكر أن مالية الجماعة تتعرض لإغراق ممنهج، حيث إن مجموع الالتزامات المالية التي تراكمها الجماعة يفوق بكثير إمكانياتها الفعلية، ما يجعل تنفيذ العديد من الاتفاقيات المبرمة أمرًا صعب التحقيق.

وأشار إلى أن غياب رؤية واضحة لتحديد أولويات المشاريع أدى إلى الإخلال بمبدأ العدالة المجالية، إذ تحظى بعض المقاطعات بامتيازات خاصة لاعتبارات سياسية وانتخابية، بينما تُهمَّش مقاطعات أخرى وتعاني من نقص حاد في الاستثمارات والمشاريع التنموية.

وفي هذا السياق، طالب حيكر الأغلبية المسيرة للمجلس بإعادة النظر في المعايير التي يتم على أساسها توزيع المشاريع، مشددًا على أن العدالة المجالية لا يمكن أن تكون مجرد وسيلة لترتيب الأولويات على نحو يخدم بعض المقاطعات على حساب أخرى، بل يجب أن تستند إلى معايير موضوعية تنصف جميع مناطق المدينة بشكل متساوٍ وعادل.

وفي سياق متصل، حذر حيكر من المخاطر المرتبطة بتوسع نفوذ شركات التنمية المحلية، معتبرًا أن المجلس الحالي قام بتفويت عدد كبير من القطاعات الحيوية لهذه الشركات دون تفعيل آليات الرقابة والمتابعة.

وأوضح أن لجان التتبع، التي من المفترض أن تعقد اجتماعات منتظمة لمراقبة أداء هذه الشركات، لا تنعقد كما ينبغي، مما يفتح الباب أمام قرارات غير خاضعة للمحاسبة ويؤثر سلبًا على تدبير شؤون المدينة.

من جانبه، أكد مصطفى الحيا، عضو مجلس جماعة الدار البيضاء عن حزب العدالة والتنمية، أن الإخلال بالعدالة المجالية في توزيع المشاريع أصبح واقعًا ملموسًا، مشيرًا إلى أن بعض المقاطعات تعاني من تهميش واضح، بينما تحظى أخرى بتمويلات سخية.

كما انتقد سوء تدبير مالية جماعة الدار البيضاء، مؤكدا أن الديون أصبحت تتراكم، بسبب عدم إحداث نوع من التوازن.

واعتبر أن هذا التوزيع غير المتوازن يؤدي إلى تعميق الفجوة بين مناطق المدينة، ما يزيد من الإحساس باللامساواة بين السكان.

وانتقد الحيا، خلال أشغال الدورة العادية للمجلس، طريقة تدبير المشاريع البيئية، متسائلًا عن أسباب إقبار مشروع "شجرة لكل أسرة"، الذي كان يهدف إلى زراعة 800 ألف شجرة لتوفير بيئة أكثر خضرة لسكان المدينة.

وأكد أن المشروع كان من بين المبادرات الواعدة التي أطلقتها الأغلبية السابقة، لكنه تعرض للإهمال والتجاهل بعد تغيير تركيبة المجلس المسير.

وفي سياق الجدل الدائر داخل المجلس، أثار منتخبون بمقاطعة عين الشق انتقادات حادة لطريقة تعامل العمدة نبيلة الرميلي مع النقاط المقترحة في جدول أعمال دورة فبراير.

وعبروا عن استيائهم من رفض إدراج نقطة تتعلق بملاعب القرب التابعة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية في منطقة سيدي معروف، بحجة وجود نزاع قضائي بين عمالة عين الشق وإحدى الجمعيات المسيرة لهذه المرافق.

وطالب أحمد مفتاح، نائب رئيس مقاطعة عين الشق، رئيسة المجلس بتقديم تعليل واضح لرفض إدراج هذه النقطة، مشيرًا إلى أن القانون التنظيمي للجماعات ينص على ضرورة تعليل أي نقطة مرفوضة داخل المجلس.

وأوضح أن النقطة المطروحة تتعلق بملاعب القرب التي تم تسليمها إلى جماعة الدار البيضاء، والتي لا تزال مغلقة رغم حاجة السكان إليها، مطالبًا المجلس بتوضيح موقفه من هذا الملف.

وفي المقابل، ردت نبيلة الرميلي بأن مسألة إدراج ملاعب القرب في جدول أعمال الدورة غير ضرورية، مؤكدة أن مثل هذه الملفات يتم تدبيرها عبر مراسلات مباشرة بين الجماعة والمقاطعات المعنية.

وأوضحت أن النقطة المطروحة لم تستوفِ الشروط المطلوبة لإدراجها في جدول الأعمال، مما دفع نواب الأغلبية إلى رفض مناقشة أي نقاط خارجة عن البرنامج المحدد للدورة.

وسط هذا الجدل المتصاعد، يبدو أن تدبير المجلس الجماعي للدار البيضاء يواجه تحديات متزايدة، في ظل تزايد الانتقادات الموجهة إليه من طرف المعارضة وأعضاء من داخل المجلس نفسه.

آخر الأخبار