البرلمان يدخل على خط أزمة طلبة الطب.. مصير دفعة 2023 في مهب الغموض

في ظل تصاعد حدة الاحتقان داخل كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان بالمغرب، يعيش طلبة دفعة 2023 على وقع ارتباك غير مسبوق، نتيجة ما وصفته اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة بـ"الوضعية الهجينة" التي وُضعوا فيها بين النظامين القديم والجديد للتكوين.
هذا الواقع المقلق، الذي يهدد مستقبل مئات الطلبة، يكشف عن أزمة عميقة تعكس غياب رؤية واضحة وتخطيط استراتيجي يضمن حقوقهم الأكاديمية والمهنية.
الطلبة، الذين وجدوا أنفسهم عالقين في دوامة من الغموض والارتباك، يواجهون ضغوطًا نفسية كبيرة نتيجة غياب ملفات وصفية دقيقة تحدد معالم مسارهم الدراسي، الأمر الذي دفع اللجنة الوطنية لطلبة الطب إلى دق ناقوس الخطر.
وعادت اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان، يوم أمس الخميس، إلى التظاهر مجددا بعدما نفذت وقفة احتجاجية بمركز فحص وعلاج الأسنان “ابن رشد” بالدار البيضاء، تنديدا لغياب المنح وضعف التكوين في ظل النقص الحاد للآلات والموارد الطبية الضرورية.
كما سبق أن أكدت اللجنة في بيان رسمي أن الوضع الحالي يفرض الحاجة الملحة لتصور واضح يراعي خصوصية دفعة 2023، ويضمن لهم تكوينًا أكاديميًا يتماشى مع المعايير البيداغوجية المعمول بها.
ولا تقتصر الإشكالات على الجانب البيداغوجي فقط، إذ تشهد شعبة الصيدلة اختلالات جسيمة، خاصة في كليتي الطب والصيدلة بوجدة وفاس.
ففي وجدة، يعاني طلبة الدفعة الثانية من ضبابية خانقة وتأخر غير مبرر في تنفيذ البرامج الدراسية، إلى جانب غياب تام للامتثال لمقتضيات دفتر الضوابط البيداغوجية.
أما في فاس، فالوضع أكثر حدة، حيث حُرم طلبة الدفعة الخامسة من التداريب الإكلينيكية المقررة في سنتهم الخامسة، دون أي توضيحات رسمية أو مبررات معقولة، ما يطرح تساؤلات حول مدى جدية التعامل مع حقوق الطلبة ومستقبلهم المهني.
وفي خضم هذه الأزمة، لم تتردد اللجنة الوطنية في التعبير عن استنكارها للتأخر غير المبرر في صرف المنح والتعويضات المالية التي تشكل مصدر دعم أساسي للطلبة.
هذا التأخر، الذي رافقته مماطلة واضحة وعدم احترام للآجال المتفق عليها، فاقم من معاناة الطلبة، خاصة في ظل الارتفاع المستمر لتكاليف المعيشة وتزايد الأعباء المالية.
وتدخل البرلمان على خط الأزمة، حيث وجهت النائبة البرلمانية فاطمة التامني عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، سؤالًا كتابيًا إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، تساءلت فيه عن الإجراءات التي تعتزم الوزارة اتخاذها لمعالجة هذا الوضع.
وأشارت التامني إلى أن الطلبة يعانون من صعوبات معيشية حادة بسبب تأخر صرف المنح، داعية إلى ضرورة فتح حوار جاد مع ممثليهم من أجل إيجاد حلول عاجلة وعادلة.
وفي السياق ذاته، وجهت التامني سؤالًا آخر إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بشأن مصير طلبة الطب من دفعة 2023.
وقد أكدت أن هؤلاء الطلبة يعيشون حالة من الغموض بشأن مدة التكوين الطبي، وسط غياب تام للتوضيحات الرسمية بخصوص النظام الذي سيتم اعتماده، سواء القديم (سبع سنوات) أو الجديد (ست سنوات).
هذا الوضع أثار قلقًا عميقًا بين الطلبة وأسرهم، خاصة بعد وعود سابقة بحل الأزمة بطريقة عادلة ومنصفة.
الطلبة من جهتهم يصرون على مواصلة الضغط من أجل تحقيق مطالبهم المشروعة، مؤكدين تمسكهم بمقاربة تشاركية تضمن لهم حقهم في تكوين أكاديمي متكامل وعادل.
كما شددوا على أهمية إشراكهم في صياغة الحلول، بدل فرض قرارات أحادية تزيد الوضع تعقيدًا.
في انتظار تفاعل الجهات الرسمية مع هذه المطالب، يبقى مصير الطلبة معلقًا بين وعود لم تتحقق، وغموض يزداد عمقًا مع مرور الوقت.