بين التطرف وفوضى الفتوى.. هل تنجح وزارة الأوقاف في ضبط الخطاب الديني بالمغرب؟

الكاتب : انس شريد

10 فبراير 2025 - 08:30
الخط :

في ظل تصاعد المخاوف من انتشار الفكر المتطرف وتزايد الأصوات غير المؤهلة التي تدعي الفتوى في المغرب، عاد النقاش تحت قبة البرلمان ليطرح قضية ضبط الخطاب الديني ومراقبة القيمين الدينيين.

خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، واجه أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، انتقادات حادة وتساؤلات ملحة حول الإجراءات التي تتخذها وزارته لمواجهة ما وصفه البعض بـ"فوضى الإفتاء" وتنامي ظاهرة الخطابات الدينية غير المنضبطة، سواء في المساجد أو على المنصات الرقمية.

وأكد الوزير التوفيق بنبرة حازمة أن الوزارة تراقب عن كثب توجهات القيمين الدينيين، مشددًا على أن أي مؤشر يدل على وجود تطرف في فكر أو سلوك أي منهم يُقابل بتدخل مباشر وحاسم.

وأوضح قائلاً: "أي قيم ديني فيه ريحة تطرف، نتدخل فوراً لتوقيفه"، مضيفاً أن الجهات الأمنية المختصة تتولى التعامل مع الحالات التي لا تندرج تحت مسؤولية وزارة الأوقاف، في إشارة واضحة إلى التنسيق بين المؤسسات الدينية والأمنية لمواجهة هذه الظاهرة.

لم يتوقف التوفيق عند حدود الحديث عن التطرف، بل سلط الضوء على خطورة فوضى الإفتاء، مؤكداً أن الإفتاء ليس مجالاً مفتوحاً للجميع، بل هو اختصاص حصري للمجلس العلمي الأعلى.

وأوضح أن الإرشاد الديني يختلف جوهرياً عن الإفتاء، حيث أن الأول يتعلق بتوجيهات دينية عامة حول الصلاة، والصوم، والميراث، بينما يتطلب الإفتاء اجتهاداً قانونياً عميقاً يستند إلى فهم دقيق للنصوص الشرعية والسياقات المعاصرة.

وفي ظل انفجار المعلومات عبر الإنترنت، اعتبر الوزير أن حرية التعبير في العصر الرقمي فتحت المجال أمام الجميع للحديث في الشأن الديني، مما جعل مسؤولية المتلقي مضاعفة.

ووجه التوفيق رسائل مباشرة إلى المواطنين، داعياً إياهم إلى التحقق من مصادر الفتاوى التي يتلقونها، تماماً كما يتحققون من جودة السلع التي يشترونها.

على صعيد آخر، استعرض الوزير جهود الوزارة في مجال الرقمنة وتأهيل الخطاب الديني لمواكبة التطورات الحديثة.

وأكد أن المغرب حقق تقدماً ملحوظاً في هذا المجال من خلال إنشاء منصات رقمية متخصصة، منها أكثر من 200 ألف محتوى رقمي متاح على غوغل، فضلاً عن ملايين المتابعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

كما أشار إلى منصة الحديث الشريف التي أُطلقت بتعليمات ملكية، والتي تُعد خطوة مهمة نحو توفير محتوى ديني موثوق ومضبوط.

ورغم هذه الإنجازات الرقمية، أصر التوفيق على أن التواصل المباشر بين العلماء والمواطنين لا يزال ضرورياً للحفاظ على عمق وتأثير الخطاب الديني.

ورداً على تساؤلات النواب حول كيفية التصدي لخطابات التطرف التي تغزو الفضاء الرقمي، شدد التوفيق على أن الوزارة تتولى مراقبة القيمين الدينيين، بينما تتكفل جهات أخرى بمتابعة المحتويات التي تروج للتطرف عبر الإنترنت.

وأكد أن نجاح أي استراتيجية لمكافحة الفكر المتطرف يتطلب تعاوناً وثيقاً بين المؤسسات الدينية والأمنية، فضلاً عن وعي المجتمع بضرورة رفض أي خطاب يحرض على الكراهية أو العنف.

وبينما تؤكد وزارة الأوقاف على التزامها بمراقبة الحقل الديني وتأهيله، يبقى السؤال الأبرز: هل يكفي هذا النهج للحد من فوضى الإفتاء والتصدي للفكر المتطرف، أم أن التحديات المقبلة ستتطلب استراتيجيات أكثر جرأة وحزماً؟

آخر الأخبار