الشامي يدق ناقوس الخطر: المغاربة يدفعون ثمن العلاج رغم التأمين الصحي

يشهد القطاع الصحي في المغرب تحدياتٍ متزايدة في ظل ارتفاع تكاليف العلاج وتزايد الاعتماد على القطاع الخاص في تقديم الخدمات الطبية.
في هذا السياق، كشف رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، محمد رضى الشامي، عن معطيات مقلقة حول واقع التأمين الصحي الإجباري وتوزيع نفقاته بين القطاعين العام والخاص.
خلال المنتدى البرلماني الدولي التاسع للعدالة الاجتماعية، الذي انعقد تحت شعار تعميم الحماية الاجتماعية في المغرب، أشار الشامي إلى أن نسبة المصاريف التي يتحملها المؤمنون مباشرة ما زالت مرتفعة للغاية، حيث تصل إلى 50 في المئة من إجمالي النفقات الصحية، وهي نسبة تفوق بكثير السقف الذي توصي به منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي، والمحدد في 25 في المئة.
وأكد أن هذا الوضع يدفع العديد من المؤمنين إلى التخلي عن العلاجات الضرورية لأسباب مالية، مما ينعكس سلبًا على صحة المواطنين واستدامة النظام الصحي.
وأشار الشامي إلى أن أكثر من 8 ملايين مغربي ما زالوا خارج نطاق الاستفادة من التأمين الإجباري عن المرض، وذلك إما بسبب عدم تسجيلهم في المنظومة (5 ملايين) أو لوجودهم في وضعية مغلقة رغم تسجيلهم (3.5 مليون).
وأوضح أن هناك خللًا في توزيع النفقات الصحية، حيث تتجه نسبة كبيرة منها إلى مؤسسات العلاج والاستشفاء الخصوصية، نتيجة عدم كفاية العرض الصحي في القطاع العام وضعف جاذبيته.
وأوضح الشامي أن نفقات التأمين الصحي الإجباري عن المرض بالنسبة لفئة غير الأجراء تتجه نحو القطاع الخاص بنسبة 57 في المئة، بينما تبلغ هذه النسبة 84 في المئة بالنسبة للموظفين العموميين، وترتفع إلى 96 في المئة بالنسبة للأجراء في القطاع الخاص.
ولفت إلى أن متوسط تكلفة الاستشفاء في القطاع الخاص قد يفوق نظيره في القطاع العام بخمس مرات، وهو ما يعزى إلى غياب بروتوكولات علاجية موحدة وملزمة، ما يفاقم الأعباء المالية على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وباقي الأنظمة الصحية.
وفيما يخص التوازن المالي للأنظمة الصحية، أشار الشامي إلى أن بعض الأنظمة تعاني من عجز مالي حاد، حيث بلغ العجز في التأمين الصحي الإجباري لغير الأجراء 172 في المئة، في حين سجلت أنظمة التعويض في القطاع العام عجزًا بنسبة 121 في المئة.
وأكد أن هذا العجز يؤثر بشكل مباشر على آجال تعويض المؤمنين وأداء المستحقات لمقدمي الخدمات الصحية، ما يهدد استمرارية هذه الأنظمة.
وحول الدعم الاجتماعي المباشر، شدد الشامي على ضرورة تطوير آليات دقيقة لتحديد المستفيدين وضمان التحقق من المعطيات المدلى بها، حتى لا يتحول هذا الدعم إلى شكل من أشكال الاتكالية الاقتصادية.
وأكد أن الاستهداف الفعّال هو أحد المفاتيح الأساسية لإنجاح هذا البرنامج وتحقيق أهدافه الاجتماعية.
من جهة أخرى، أشار الشامي إلى أن المغرب قطع أشواطًا كبيرة في تعميم الحماية الاجتماعية منذ اعتماد القانون الإطار في 2021، حيث ارتفعت نسبة السكان المسجلين في التأمين الإجباري الأساسي عن المرض إلى 87 في المئة بحلول 2024، بعد أن كانت أقل من 60 في المئة سنة 2020.
كما استفاد 11.4 مليون مواطن من نظام "أمو تضامن"، المخصص للفئات المعوزة، بتمويل سنوي يتجاوز 10 مليارات درهم، فيما بلغ عدد الأسر المستفيدة من الدعم الاجتماعي المباشر أكثر من 3.9 ملايين أسرة، بغلاف مالي يتجاوز 24 مليار درهم.
وأكد الشامي أن سنة 2025 ستكون محطة حاسمة في ورش الحماية الاجتماعية، باعتبارها السنة الأخيرة لتنزيل هذا الإصلاح وفق القانون الإطار.
وأوصى بضرورة تكثيف الجهود لتعزيز المكتسبات وتسريع وتيرة الإنجاز، إضافة إلى توسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد لتشمل أكثر من 5 ملايين شخص غير مستفيد من أي معاش، وتعميم التعويض عن فقدان الشغل.
وفي ختام كلمته، دعا الشامي إلى تبني رؤية شاملة ومتكاملة تضمن حماية اجتماعية واسعة لجميع المغاربة، من الطفولة إلى الشيخوخة، مع تعزيز التكامل بين أنظمة التأمين الصحي الإجباري والأنظمة التعاضدية والتأمينات الخاصة.
كما شدد على أهمية تأهيل القطاع الصحي العمومي وتعزيز جاذبيته لتخفيف الضغط على القطاع الخاص وتحقيق التوازن المالي والاستدامة في المنظومة الصحية.