فضائح سوق الجملة تستنفر جماعة الدار البيضاء.. تحقيقات وشيكة لكشف المستور

من المنتظر أن تعقد لجنة سوق الجملة للخضر والفواكه التابعة لمجلس جماعة الدار البيضاء، يوم غد الأربعاء 19 فبراير 2025، اجتماعًا حاسمًا لبحث حقيقة الاتهامات المتداولة بشأن خروقات مالية وإدارية يُعتقد أنها وراء الارتفاع الملحوظ في أسعار الخضر والفواكه.
كما يتوقع أن يتم التطرق إلى شبهات فساد تطال مسؤولين داخل السوق، وسط مطالب بفتح تحقيق شامل في الموضوع.
في سياق متصل، وخلال الجلسة الثانية من الدورة العادية لشهر فبراير 2025، التي انعقدت صباح الاثنين 17 فبراير بمقر ولاية جهة الدار البيضاء-سطات، وجه أحد أعضاء المجلس استفسارًا مباشرًا إلى رئيسة المجلس الجماعي وعمدة الدار البيضاء، نبيلة الرميلي، حول حقيقة ما يجري بسوق الجملة.
غير أن ردها اقتصر على الإشارة إلى موعد اجتماع اللجنة يوم الأربعاء، دون تقديم توضيحات بشأن فحوى هذه الاتهامات.
وأكد العضو مروان الراشيدي، من جهته، خلال مداخلته أن "ما يحدث داخل سوق الجملة من تلاعب في الأسعار يستوجب تدخلًا حاسمًا"، مشددًا على أن ارتفاع أثمان الخضر والفواكه أصبح يشكل عبئًا على المواطنين، ما يقتضي الكشف عن مدى تورط بعض السماسرة في هذا الوضع.
ويعد سوق الجملة للخضر والفواكه بالدار البيضاء واحدًا من أبرز النقاط المثيرة للجدل، حيث يوصف من قبل البعض بـ"مغارة علي بابا" نظرًا لكونه يشكل مصدر ثروات غير مشروعة لعدد من المتنفذين.
واهتز مؤخرًا سوق الجملة للخضر والفواكه بالدار البيضاء على وقع احتجاجات حاشدة للتجار والمهنيين، الذين رفعوا شعارات غاضبة واتهامات بـ"نهب المال العام" وفرض إجراءات مجحفة تهدد استقرارهم المهني.
ووسط صرخات التنديد والتلويح بالتصعيد، تتجه الأنظار نحو الجهات المسؤولة، وعلى رأسها والي جهة الدار البيضاء-سطات، محمد امهيدية، الذي يواجه مطالب ملحة بالتدخل العاجل لإنقاذ السوق من "قبضة مافيا تتحكم في مصيره".
تصاعدت وتيرة الاحتجاج بعد قرار تفويت مرافق حيوية داخل السوق لصالح جهات محددة، وهو ما أثار استياءً واسعًا بين المهنيين الذين اعتبروا الأمر ضربًا لمبدأ تكافؤ الفرص واستغلالًا لنفوذ سياسي واقتصادي يخدم مصالح ضيقة على حساب التجار الصغار.
واعتبر المحتجون أن هذه الخطوة لم تراعِ مصلحة السوق ولا العدالة التجارية، بل فتحت الباب أمام فرض رسوم باهظة وغير مبررة تزيد من الأعباء المالية الملقاة على عاتقهم.
الوقفة الاحتجاجية، التي شهدها السوق مؤخرا، لم تكن مجرد تعبير عن الغضب، بل حملت في طياتها مطالب واضحة وصريحة بضرورة فتح تحقيق عاجل وشامل في ما وصفوه بـ"الاختلالات والصفقات المشبوهة" التي يعرفها السوق، خصوصًا ما يتعلق بتدبير المرافق والخدمات.
وفي هذا السياق، طالب المحتجون بفتح ملف سوق الجملة والتدقيق في التدبير المالي والإداري، مؤكدين أن هناك ممارسات غير قانونية وتجاوزات خطيرة.
من بين أكثر النقاط التي فجرت الاحتجاج، تأتي قضية الرسوم الجديدة المفروضة على التجار، والتي وصفوها بـ"الابتزاز الممنهج".
فبحسب شهادات عدد من المهنيين، للجريدة 24، فإن كل شاحنة تدخل السوق باتت مطالبة بأداء 6 في المائة عند البوابة، و6 في المائة أخرى عند الميزان، إضافة إلى 0.20 في المائة يدفعها الوكيل، و1 في المائة كضريبة على القيمة المضافة، ما يجعل التكلفة الإجمالية للرسوم عبئًا ثقيلاً ينعكس بشكل مباشر على أسعار المنتجات التي تصل إلى المستهلك.
هذه التكاليف الجديدة من شأنها زيادة أسعار الخضر والفواكه، وهو ما يزيد من معاناة الأسر المغربية في ظل وضع اقتصادي صعب.
وفي خضم هذا التوتر، كشف المحتجون عن صفقة مثيرة للجدل تمت في 20 دجنبر الماضي، تتعلق بمرآب ومستودعات ضخمة للصناديق الفارغة داخل السوق.
وأشاروا إلى أن هذه الصفقة لم يتم الإعلان عنها كما يقتضي القانون، مما يطرح تساؤلات حول شفافيتها ومدى قانونيتها.
واعتبر المحتجون أن هذه الصفقة نموذج صارخ على "تغول الفساد داخل السوق" وطريقة جديدة لـ"مص دماء التجار"، على حد تعبيرهم.
الاحتقان داخل السوق لا يقتصر فقط على الرسوم الجديدة، بل يمتد أيضًا إلى آليات التسيير والإدارة، حيث يشتكي التجار من غياب المرافق الأساسية، أهمها المراحيض، التي تعاني من الإهمال التام رغم المداخيل الضخمة التي يدرها السوق يوميًا.
ويبقى السؤال الأبرز هو: هل سيخرج اجتماع يوم الأربعاء بقرارات حاسمة تعيد الأمور إلى نصابها، أم أن مسلسل الاحتجاجات سيتواصل في ظل غياب حلول ملموسة لوقف نزيف الفساد والتلاعب داخل سوق الجملة؟