رغم الظروف الصعبة.. الحكومة ترفع الانفاق وتزيد العجز

بالرغم من الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يمر منها المغرب، إلا أن الحكومة لا تزال ترفع من مستويات الانفاق العمومي.
وقفزت النفقات العادية المنفذة بنسبة 75.7%، خلال العام الجاري مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وفق تقرير صادر عن الخزينة.
ارتفاع النفقات العادية، بحسب المصدر، تسبب في تسجيل عجز مالي بلغ 7.7 مليار درهم.
وفي المقابل، أفادت الخزينة العامة للمملكة بأن المداخيل العادية الإجمالية سجلت ارتفاعًا بنسبة 21.2% خلال يناير 2025، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، لتصل إلى 33.9 مليار درهم.
وشهدت المداخيل الضريبية ارتفاعًا بنسبة 25.3%، حيث بلغت 32.3 مليار درهم، مقابل 25.8 مليار درهم في يناير 2024. ويعزى هذا النمو إلى زيادة الضرائب المباشرة بنسبة 57.3%، والضرائب غير المباشرة بنسبة 17.2%، إلى جانب ارتفاع الضرائب المحلية بنسبة 34.7% لتصل إلى 22.9 مليار درهم.
أما المداخيل غير الضريبية فسجلت انخفاضًا بنسبة 27.5%، حيث بلغت 1.586 مليار درهم، نتيجة تراجع مداخيل الاحتكارات والتحويلات من الحسابات الخاصة للخزينة إلى الميزانية العامة.
الرسوم والمداخيل
وبلغت المداخيل الجمركية الصافية 7.899 مليار درهم، مسجلة زيادة طفيفة بنسبة 1.7% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. في المقابل، شهدت الرسوم الجمركية تراجعًا بنسبة 15.1%، بينما ارتفعت المداخيل الصافية للضريبة على القيمة المضافة عند الاستيراد بنسبة 8.9% لتصل إلى 4.772 مليار درهم.
أما المداخيل الصافية للضريبة الداخلية على الاستهلاك الخاصة بالمنتجات الطاقية، فقد سجلت انخفاضًا طفيفًا بنسبة 0.1%.
التطورات المالية والنفقات
وأشار تقرير الخزينة إلى أن ارتفاع النفقات العادية المنفذة بنسبة 75.7% ساهم في زيادة الحاجة إلى التمويل، التي بلغت 26.2 مليار درهم. ومع تسجيل تدفق صافي سلبي للتمويل الخارجي بقيمة 4.2 مليار درهم، لجأت الخزينة إلى التمويل الداخلي بمبلغ 30.4 مليار درهم لسد العجز.
وتراجع معدل تغطية النفقات العادية بالإيرادات العادية من 118.1% في يناير 2024 إلى 81.5% في يناير 2025، مما يعكس ارتفاع الضغوط المالية.
ووفقًا للتقرير، فقد تم تخصيص 39.1% من هذه الإيرادات لنفقات الموظفين، و37.9% لنفقات الاستثمار، و4.9% لفوائد الدين.
الميزانية العامة والإنفاق
وشهدت نفقات الميزانية العامة ارتفاعًا ملحوظًا خلال يناير 2025، حيث بلغت 55.4 مليار درهم، بزيادة 50.1% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024. ويعزى هذا الارتفاع إلى زيادة نفقات التسيير بنسبة 80.9%، ونفقات الاستثمار بنسبة 4.9%، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الدين المبرمج بنسبة 2.2%.
وبلغت نفقات التسيير 39.9 مليار درهم، منها 13.3 مليار درهم مخصصة للأجور والرواتب، التي سجلت ارتفاعًا بنسبة 10.4%. كما زادت نفقات المواد والتجهيز بنسبة 46.2%، في حين ارتفعت النفقات المشتركة إلى 12.1 مليار درهم. وضمن الميزانية العامة، سجلت المبالغ المخصصة للاسترجاعات والإعفاءات الجبائية، خصوصًا المتعلقة باسترجاع الضريبة على القيمة المضافة، زيادة بنسبة 199.2%.
الاستثمار والحسابات
وبلغت نفقات الاستثمار المدرجة في الميزانية العامة 12.8 مليار درهم، بزيادة قدرها 4.9% مقارنة بشهر يناير 2024. ويعزى هذا النمو إلى ارتفاع النفقات المشتركة بنسبة 7.4%، رغم تراجع نفقات الاستثمار الخاصة بالوزارات بنسبة 10.3%. في الوقت نفسه، شهدت الحسابات الخاصة للخزينة تحويلات مالية بلغت 11.2 مليار درهم، مقارنة بـ 10.4 مليار درهم خلال العام السابق.
وسجلت الحسابات الخاصة للخزينة مداخيل بقيمة 33.3 مليار درهم، منها 11.2 مليار درهم محولة من الميزانية العامة. في المقابل، وصلت النفقات المسجلة في هذه الحسابات إلى 16.8 مليار درهم، ما أسفر عن فائض بقيمة 16.5 مليار درهم. أما الخدمات التي تُدار بشكل مستقل، فقد حققت مداخيل بلغت 147 مليون درهم، بزيادة 33.6%، في حين لم تُسجل أي نفقات خلال الشهر الأول من عام 2025.
العجز والاحتياجات
وأوضح التقرير أن ارتفاع النفقات أسفر عن تسجيل عجز في الرصيد العادي بلغ 7.7 مليار درهم، مقارنة بفائض قدره 4.3 مليار درهم خلال يناير 2024، مما يعكس تأثير ارتفاع المصاريف التشغيلية على الوضعية المالية العامة. كما تفاقم عجز الميزانية، حيث بلغ 3.9 مليار درهم بنهاية يناير 2025، مقابل فائض بلغ 2.3 مليار درهم خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
ويرجع هذا العجز إلى ارتفاع النفقات العادية بنسبة 11.4% من توقعات قانون المالية، مقابل تحقيق المداخيل العادية لنسبة 9.2% فقط من التوقعات، مما أدى إلى زيادة الضغط على المالية العامة.
ومع الحاجة المتزايدة للتمويل، التي بلغت 26.2 مليار درهم مقارنة بـ 11.3 مليار درهم في العام الماضي، لجأت الخزينة إلى السوق المحلية لتعبئة 30.4 مليار درهم، مقابل 13.9 مليار درهم خلال السنة الماضية.
التمويل والديون
وشهد التمويل الخارجي تراجعًا، حيث سجل صافي التدفقات الخارجية السلبية 4.2 مليار درهم، مقارنة بـ 2.6 مليار درهم في يناير 2024.
وارتفعت التزامات المملكة تجاه الديون الخارجية، حيث بلغ إجمالي سداد أصل الدين الخارجي 5 مليارات درهم، مقابل 3.2 مليار درهم في العام الماضي، في حين بلغت السحوبات 763 مليون درهم، جاء معظمها (583 مليون درهم) من البنك الإفريقي للتنمية.
ورغم الضغوط المالية، سجلت ودائع الخزينة ارتفاعًا، حيث بلغت 122.1 مليار درهم مع نهاية يناير 2025، بزيادة قدرها 5.1 مليار درهم مقارنة بالشهر السابق. في المقابل، تراجعت السيولة المتاحة لدى بنك المغرب إلى 4.3 مليار درهم، بعدما كانت 7.5 مليار درهم في بداية السنة المالية، نتيجة لاستثمارات بقيمة 5.6 مليار درهم لن يتم استردادها حتى فبراير 2025.
ووفقًا لذات التقرير، فقد ارتفع الدين الداخلي بنسبة 2.1%، ليصل إلى 771.2 مليار درهم بنهاية يناير 2025، مقارنة بـ 755 مليار درهم في ديسمبر 2024. ويعود هذا الارتفاع إلى لجوء الخزينة إلى سوق المناقصات بقيمة 16.1 مليار درهم، مقابل 13.1 مليار درهم خلال السنة الماضية.