منحة جامدة ومعيشة ملتهبة.. البرلمان يضغط للرفع من قيمتها وإنهاء معاناة الطلبة

في ظل الارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة، يجد الطلبة المغاربة أنفسهم في مواجهة تحديات مالية متزايدة، تجعل من تغطية نفقات التعليم العالي عبئًا ثقيلاً، خاصة على الأسر ذات الدخل المحدود.
ورغم أن المنحة الجامعية تشكل دعامة أساسية لاستمرار العديد من الطلبة في مسارهم الدراسي، إلا أن مبالغها لم تعد كافية لتغطية الاحتياجات الأساسية، مما يدفع البعض إلى البحث عن حلول بديلة قد تؤثر على تحصيلهم العلمي.
ويتلقى الطلبة منحهم الجامعية على ثلاث دفعات سنوية، لكنهم يرون أنها غير كافية لمواكبة المتغيرات الاقتصادية، خاصة في ظل غلاء الإيجارات، ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وتكاليف النقل واللوازم الدراسية.
في هذا السياق، يطالب العديد من الطلبة، وفقا لما توصلت به "الجريدة 24"، بمراجعة قيمة المنحة وجعلها شهرية بدلًا من صرفها كل ثلاثة أشهر، حيث يؤكد البعض أنها لا تغطي حتى نصف المصاريف الشهرية، مما يضطرهم إلى اللجوء إلى أعمال جانبية أو طلب المساعدة من أسرهم التي تعاني بدورها من ضغوط اقتصادية متزايدة.
إلى جانب هذه التحديات، يؤكد الطلبة أن ضعف المبلغ المخصص للمنحة يدفع بعضهم إلى التخلي نهائيًا عن دراستهم، في ظل استحالة التوفيق بين المتطلبات المالية والمسؤوليات الدراسية.
ويشير البعض إلى أنهم اضطروا إلى العمل في وظائف مؤقتة لسد حاجاتهم الأساسية، وهو ما يؤثر سلبًا على أدائهم الأكاديمي ويزيد من احتمالية تعثرهم الدراسي.
الجدل حول موضوع المنح الجامعية لم يقتصر على الطلبة فقط، بل وصل إلى قبة البرلمان، حيث وجه النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، عماد الدين الريفي، مجموعة من الأسئلة إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي حول نية الحكومة في مراجعة قيمة المنحة لتواكب الارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة، خاصة في المدن الكبرى حيث تتركز أغلب الجامعات.
كما تساءل عن إمكانية توسيع قاعدة المستفيدين منها، وضمان صرفها في آجال معقولة، إضافة إلى البحث عن مصادر تمويل جديدة عبر شراكات مع المجالس الجهوية، المؤسسات الخاصة، والتعاون الدولي لتعزيز الدعم المالي للطلبة.
في رد سابق داخل البرلمان، أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين ميداوي، أن نسبة الاستجابة لطلبات الحصول على المنحة خلال الموسم الجامعي الجديد بلغت 93%، حيث تم قبول 174 ألف طلب من أصل 187 ألفًا.
كما شدد على أهمية المنحة الجامعية كعامل رئيسي في نجاح الطلبة، مع الإشارة إلى ضرورة تعميمها لتشمل أكبر عدد ممكن من المستفيدين.
وأوضح الوزير أن الحكومة تعمل على تنويع مصادر تمويل المنح من خلال تعبئة مساهمات مختلف الفاعلين والشركاء، مثل الجهات والمجالس المنتخبة، وذلك في إطار الجهوية الموسعة.
ورغم هذه التصريحات، لا تزال أصوات الطلبة ترتفع للمطالبة بتحسين المنح الجامعية بما يتناسب مع الظروف الاقتصادية الحالية.
فبين الحاجة إلى تحسين قيمة المنحة وضمان انتظام صرفها، يجد الطلبة أنفسهم في انتظار قرارات حاسمة من الجهات المسؤولة، تأخذ بعين الاعتبار الصعوبات المعيشية التي تؤثر على مسيرتهم الأكاديمية.
فهل ستستجيب الحكومة لهذه المطالب الملحة؟ أم أن الطلبة سيضطرون لمواصلة معركتهم مع تكاليف الدراسة في ظل غياب حلول مستدامة؟