وهبي يقسم: لن أقبل تعديل المادة 3 ولو كلفني الصيام.. وجمعيات محاربة الفساد هي الأكثر فسادًا

في جلسة ساخنة تحت قبة البرلمان، أشعل وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، اليوم الثلاثاء، النقاش السياسي والقانوني بتصريحاته القوية حول مشروع قانون المسطرة الجنائية، ليغلق الباب أمام أي تعديل في المادة 3 المتعلقة بالتبليغ عن الفساد.
وهبي لم يكتفِ بالتعبير عن موقفه، بل أقسم بالله ألا يقبل أي تغيير في هذه المادة، مؤكدًا قناعته المطلقة بأهميتها في مكافحة الفساد، رغم الجدل الذي أثارته في الأوساط السياسية والحقوقية.
وأشار الوزير جاءت خلال اجتماع لجنة العدل بمجلس النواب، إلى أن هذه المادة تمنحه القدرة على محاسبة أي رئيس جماعة خلال يوم واحد فقط، ما أثار استغراب النواب الذين اعتبروا أن هذا التصريح قد يحمل دلالات خطيرة حول سلطة تنفيذية واسعة في يد وزير العدل.
وبرر وهبي تمسكه بالمادة 3 بكون شكايات الفساد تتحول في كثير من الأحيان إلى أداة لتصفية الحسابات السياسية، حيث تُرفع شكاية ضد مسؤول معين، ثم تتحول إلى قضية إعلامية تلاحقه لسنوات قبل أن يُحسم فيها قضائيًا.
المواجهة لم تقتصر على النواب، بل امتدت إلى جمعيات مكافحة الفساد، حيث اتهمها وهبي بأنها الأكثر فسادًا، مشيرًا إلى أن بعضها يتحكم فيها أفراد عائلات بأكملها، وينظمون ندوات صحافية لاتهام المسؤولين بالفساد دون دلائل قاطعة.
هذا التصريح أثار موجة من الاستنكار، حيث اعتبره معارضوه محاولة لتقييد دور المجتمع المدني في محاربة الفساد، وهو ما يتعارض مع التوجهات العامة للشفافية والمحاسبة.
في المقابل، لم تمر تصريحات وهبي دون رد فعل قوي من المعارضة، حيث انتقد عبد الله بووانو موقف الوزير، معتبرًا أن القسم بعدم تعديل المادة 3 هو تجاوز للمؤسسات الدستورية، خاصة وأن البرلمان هو صاحب السلطة التشريعية.
وهبي، الذي بدا واثقًا من موقفه، ردّ مازحًا: "إن جئتم بشيء معقول سأقبله وأصوم ثلاثة أيام"، في إشارة إلى استعداده للتنازل فقط إذا كان هناك مبرر مقنع.
إلى جانب الجدل حول الفساد، فجّر وزير العدل قنبلة أخرى بإعلانه عن حذف "المرجعية الإسلامية" من ديباجة مشروع قانون المسطرة الجنائية، مبررًا ذلك بضمان حقوق اليهود المغاربة وغيرهم من الأقليات الدينية.
وأوضح أن القوانين الوضعية يجب أن تكون مستقلة عن التعاليم الدينية، لأن الدين يحدد الحلال والحرام، بينما القانون يضع قواعد تنظيم المجتمع.
هذا الطرح لم يرقِ لمجموعة من النواب، خاصة المنتمين لحزب العدالة والتنمية، حيث تم الاعتبار أن حذف هذه العبارة غير مبرر، لأنه لم يكن هناك مطلب بتعديلها أصلًا.
وفي مواجهة الانتقادات، أكد وهبي أنه لا مشكل لديه في إعادة إدراج المرجعية الإسلامية إذا كان هناك توافق على ذلك، لكنه شدد على أن القوانين يجب أن تكون شاملة للجميع، حتى لا يتم الطعن فيها من قبل أي فئة دينية.
في ظل هذا الجدل القانوني والدستوري العاصف، يظل مشروع قانون المسطرة الجنائية أحد أكثر القوانين إثارة للجدل في المغرب، حيث تتشابك فيه قضايا الفساد، والمرجعية الدينية، واستقلالية المؤسسات، مما يجعله محط أنظار الرأي العام والفاعلين السياسيين على حد سواء.