تشهد أسواق البيض في المغرب أزمة أسعار خانقة، تتزامن مع شهر رمضان الذي يُعرف بزيادة الطلب على هذا المنتج الحيوي في موائد الإفطار.
فبينما كان البيض سلعة أساسية متاحة بسعر مناسب قبل سنوات، تجاوز سعر البيضة الواحدة اليوم حاجز الدرهم ونصف، مما أثار استياء المستهلكين الذين يكافحون للتأقلم مع موجة غلاء طالت مختلف المواد الغذائية.
لم يتأخر رد الفعل الشعبي على هذه الأزمة، حيث غصّت مواقع التواصل الاجتماعي بمنشورات غاضبة ومطالبات بوضع حدّ لهذا الارتفاع غير المبرر، خصوصًا أن المغرب يحقق اكتفاءً ذاتيًا من البيض بل ويُصدّر جزءًا من إنتاجه.
لكن، وبينما يشتكي المواطنون من هذا الغلاء، يجد التجار أنفسهم في موقف دفاعي، رافضين تحمّل مسؤولية الزيادات التي يعتبرونها خارجة عن إرادتهم.
الجدل حول المسؤول عن هذه الأزمة اشتد بين المنتجين والموزعين. فالمزارعون يؤكدون أن كلفة الإنتاج ارتفعت بسبب غلاء الأعلاف ومصاريف التشغيل، مما جعلهم يرفعون الأسعار لتغطية تكاليفهم.
في المقابل، ينفي الموزعون والتجار أن يكون لهم دور في هذا الارتفاع، مشيرين إلى أن هامش ربحهم من كل بيضة لا يتجاوز بضعة سنتيمات، بالكاد تغطي مصاريف النقل والتوزيع.
أرقام الإنتاج والتسويق تكشف تفاصيل مقلقة. فوفقًا للجمعية الوطنية لتجار وموزعي بيض المائدة، تتراوح تكلفة إنتاج البيضة الواحدة في الضيعات بين 0.60 و0.70 درهم، لكن سعر البيع من المزارع تجاوز خلال شهر فبراير الماضي 1.45 درهم، وهو ما يعني أن المنتجين يحققون هوامش ربح مرتفعة مقارنة بالمراحل السابقة.
هذا المعطى دفع الموزعين إلى إصدار بيان رسمي ينفون فيه أي مسؤولية عن الغلاء، محمّلين الارتفاع إلى الأسعار التي تفرضها الضيعات المنتجة.
وسط هذا التجاذب، يبقى المواطن الحلقة الأضعف في معادلة السوق، حيث لم يعد الغلاء يقتصر على البيض فحسب، بل أصبح يشمل كل المواد الأساسية، مما يضعف القدرة الشرائية للأسر المغربية بشكل غير مسبوق.
ومع غياب أي بوادر لانخفاض الأسعار في المستقبل القريب، يظل السؤال الكبير مطروحًا: من المسؤول عن هذه الأزمة، ومن يدفع ثمنها الحقيقي؟