الرميلي: كل قطرة ماء تُحسب.. والدار البيضاء تعتمد حلولًا ذكية لمواجهة أزمة العطش

في ظل التحديات المتزايدة التي يفرضها شح الموارد المائية والتغيرات المناخية، تتجه مدينة الدار البيضاء إلى تبني حلول مستدامة للحفاظ على الثروة المائية وضمان استمراريتها للأجيال القادمة.
فمع تراجع معدلات ملء السدود الرئيسية، حيث لا يتجاوز معدل امتلاء حوض أم الربيع 9.90%، وحوض أبي رقراق 58%، بات من الضروري اتخاذ إجراءات فعالة لضمان تزويد سكان الدار البيضاء، الذين يستهلكون أكثر من 200 مليون متر مكعب من المياه سنويًا، بكميات كافية من هذه المادة الحيوية.
في هذا السياق، كشفت عمدة الدار البيضاء، نبيلة الرميلي، عبر صفحتها الرسمية على "فيسبوك"، عن الجهود التي تبذلها الجماعة لمواجهة أزمة المياه، مشيرة إلى أن المدينة تمكنت من تحقيق خطوات مهمة في إعادة استخدام المياه العادمة واستغلالها بطرق مبتكرة.
واحتفاءً باليوم العالمي للماء، وجهت الرميلي رسالة واضحة للمواطنين تدعوهم فيها إلى ضرورة المحافظة على الموارد المائية، مشددة على أن كل قطرة ماء تُحسب، وأن كل جهد يبذل يمكن أن يحدث فرقًا حقيقيًا في مواجهة الأزمة المائية.
ومن بين أبرز المشاريع التي تم تنفيذها في هذا الإطار، محطة إعادة تدوير المياه العادمة التي تنتج يوميًا حوالي 4200 متر مكعب، مما يتيح سقي 200 هكتار من المساحات الخضراء، وبالتالي تقليل الضغط على المياه الصالحة للشرب.
هذا المشروع الطموح يعكس رؤية المدينة في تبني ممارسات بيئية مسؤولة تسهم في الحفاظ على الموارد الطبيعية وتعزز الاستدامة.
إلى جانب ذلك، لعبت محطة استغلال مياه عين سيدي عبد الرحمن، حسب نبيلة الرميلي، دورًا محوريًا في دعم جهود ترشيد استهلاك المياه، حيث توفر 300 متر مكعب يوميًا تُستخدم في تنظيف الشوارع والساحات العمومية، مما يقلل الاعتماد على المياه الصالحة للشرب لهذا الغرض، ويدعم استراتيجيات الاستدامة التي تتبناها المدينة.
وفي تعليقها على هذه الإنجازات، أكدت الرميلي أن جماعة الدار البيضاء تسعى باستمرار إلى تحسين إدارة الموارد المائية من خلال تنفيذ حلول مبتكرة تسهم في الحد من هدر المياه.
كما شددت على أهمية وعي المواطنين بدورهم في هذه الجهود، مشيرة إلى أن المحافظة على المياه ليست مسؤولية السلطات فقط، بل هي مسؤولية مشتركة تتطلب تغييرات في السلوك اليومي لكل فرد، مثل تجنب الإسراف في المياه وإغلاق الصنابير عند عدم الحاجة إليها.
ولا تقتصر أهمية هذه المبادرات على البعد البيئي فقط، بل تمتد لتشمل جوانب اقتصادية واجتماعية مهمة، حيث تسهم في تقليل التكاليف المرتبطة بإنتاج المياه الصالحة للشرب، وتحافظ على المساحات الخضراء التي تلعب دورًا أساسيًا في تحسين جودة الحياة داخل المدينة.
مع كل هذه الجهود، تظل الحاجة ملحة لتبني المزيد من السياسات التي تضمن استدامة الموارد المائية، بما في ذلك تعزيز مشاريع تحلية المياه، وتحسين البنية التحتية لشبكات توزيع المياه، وتشجيع استخدام تقنيات الري الحديثة في المساحات الخضراء، إلى جانب تكثيف حملات التوعية لترسيخ ثقافة الحفاظ على الماء في المجتمع.
وتجد الدار البيضاء، كبرى مدن المغرب، نفسها اليوم أمام تحدٍ بيئي واقتصادي يتطلب تضافر الجهود بين الجهات المسؤولة والمواطنين لضمان أمنها المائي في المستقبل.
ومع تزايد التقلبات المناخية، تصبح مثل هذه المبادرات ضرورية أكثر من أي وقت مضى، ليس فقط لضمان استمرار الحياة اليومية، ولكن أيضًا للحفاظ على التوازن البيئي والمساهمة في التنمية المستدامة.
يبقى السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستكون هذه الجهود كافية لمواجهة التحديات المستقبلية؟ وهل ستتمكن المدينة من تحقيق استدامة مائية حقيقية في ظل التغيرات المناخية المتسارعة؟ الإجابة تعتمد على مدى التزام الجميع، في تبني نهج مسؤول للحفاظ على هذه الثروة الثمينة.