بينما كان سكان الدار البيضاء ينتظرون حلاً جذريًا لظاهرة "الكارديانات"، فوجئوا بقرار إعادة منح التراخيص لحراس السيارات بعد أن تم تعليقها مؤقتًا.
هذا التراجع أعاد النقاش حول قدرة المجلس الجماعي على فرض إصلاحات حقيقية، ومدى توازن القرارات بين حماية المصلحة العامة وضمان حقوق الفئات الهشة التي تعتمد على هذا النشاط كمصدر رزق.
وأثار قرار تجديد الرخص للحراس فقط النظاميين ردود فعل متباينة، فبينما اعتبره البعض خطوة إنسانية تأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الاجتماعية، رأى آخرون أنه تكريس للفوضى التي يشهدها هذا القطاع.
المواطنون لطالما اشتكوا من هيمنة بعض الحراس على الفضاءات العامة، وفرضهم تسعيرات عشوائية، بل ووصول الأمر في بعض الحالات إلى التهديد أو الابتزاز.
ومع ذلك، فإن العاملين في هذا المجال يعتبرونه مصدر عيشهم الوحيد، ويرون أن أي قرار يستهدف نشاطهم يجب أن يكون مصحوبًا ببدائل واضحة.
بحسب مصادر "الجريدة 24"، فإن المجلس الجماعي برئاسة العمدة نبيلة الرميلي لا يزال يدرس سبل تقنين القطاع عبر دفتر تحملات يُلزم جميع الحراس بشروط محددة، ويضع حدًا للتجاوزات التي تسببت في استياء واسع لدى الساكنة.
فالهدف، وفقًا للمجلس، ليس الإبقاء على الفوضى، بل إيجاد صيغة تضمن التوازن بين مصلحة المواطنين وحقوق الحراس.
ووفقا لما توصلت به "الجريدة 24"، فقد عقدت جمعيات المجتمع المدني المهتمة بالقطاع لقاءً مع نائب عمدة الدار البيضاء، حسين نصر الله، لبحث إمكانية تنظيم المهنة وفق رؤية جديدة.
وناقش الاجتماع عدة قضايا، أبرزها تحديد معايير واضحة للحصول على الرخص، وتوفير تغطية اجتماعية للعاملين في المجال، فضلًا عن وضع آليات رقابية لمنع أي تجاوزات قد تضر بالمواطنين.
النقابات بدورها دخلت على الخط، حيث دعت إلى حوار وطني شامل يعيد النظر في تدبير مواقف السيارات.
وطالبت بإنشاء صناديق دعم اجتماعي، وتأمين صحي للحراس النظاميين، حتى لا يتحول القرار إلى مجرد مسكنات مؤقتة لا تحل جوهر المشكلة.
لكن التساؤل الذي يطرحه العديد من المتابعين هو: هل قرار إعادة منح الرخص جاء كخطوة استراتيجية لتنظيم القطاع، أم أنه مجرد تراجع تحت ضغط الاحتجاجات الاجتماعية؟ وهل سيضمن دفتر التحملات المرتقب احترام حقوق المواطنين، أم أنه سيظل حبرًا على ورق؟