في خطوة مفاجئة أحدثت ضجة في الأوساط الاقتصادية، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن فرض تعريفات جمركية جديدة على مجموعة واسعة من الدول، من بينها ست دول عربية، ضمن خطة وصفها بأنها "تحرير للصناعة الأمريكية" واستعادة للثروات التي اعتبر أنها "نهبت" على مدى عقود.
وشملت هذه الرسوم الجديدة المغرب، حيث تم فرض ضريبة بنسبة 10% على السلع المستوردة إلى الولايات المتحدة، وهو ما دفع الحكومة المغربية إلى الرد عبر الناطق الرسمي باسمها، مصطفى بايتاس، الذي أكد على عمق الشراكة الإستراتيجية بين الرباط وواشنطن.
وذكّر بأن المغرب هو الدولة الإفريقية الوحيدة التي تربطها اتفاقية للتبادل الحر مع الولايات المتحدة، ما يعزز العلاقات التجارية بين البلدين رغم هذه المستجدات.
وأشار بايتاس إلى أن المغرب يعمل على تعزيز شراكاته الاقتصادية مع مختلف القوى العالمية، مضيفًا أن هذه الاتفاقية تُعد ركيزة أساسية في دعم الاستثمارات الأمريكية داخل المملكة، خصوصًا مع تزايد اهتمام الشركات الأمريكية بالسوق المغربية كمركز استراتيجي للتجارة مع إفريقيا.
وأثار الإعلان الأمريكي، ردود فعل واسعة في الساحة الاقتصادية، حيث يرى محللون أن مثل هذه الإجراءات قد تؤدي إلى اضطرابات في سلاسل التوريد، وارتفاع تكاليف المنتجات المستوردة، ما ينعكس سلبًا على الأسواق المحلية في الدول المتضررة.
ورغم أن نسبة الرسوم المفروضة على المغرب تُعد من بين الأدنى مقارنة بدول أخرى، إلا أن تداعياتها لا تزال قيد الدراسة من قبل الجهات المختصة.
وجاء المغرب ضمن قائمة الدول التي فرضت عليها رسوم بنسبة 10%، إلى جانب كل من السعودية، الإمارات، ومصر، بينما شهدت دول أخرى نسبًا أعلى بكثير، حيث فرضت رسوم بنسبة 49% على كولومبيا، و46% على فيتنام، و34% على الصين، و24% على اليابان، و20% على الاتحاد الأوروبي.
كما شملت القائمة دولًا مثل تركيا (10%)، وكندا التي تعرضت لتعريفات بلغت 25% على بعض المنتجات و10% على صادرات الطاقة.
وأبدت عدد من الدول استياءها من هذه الإجراءات، من بينها كندا التي حذرت من خسائر محتملة قد تصل إلى مليون وظيفة وارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية، في حين وصف الاتحاد الأوروبي هذه القرارات بأنها "غير متناسبة"، معلنًا عن استعداده لاتخاذ إجراءات مضادة لحماية اقتصاده.
من جانبه، شدد بايتاس على أن المغرب سيواصل العمل على تعزيز تنافسيته الاقتصادية، مشيرًا إلى أن الحكومة تتابع عن كثب تداعيات هذه الرسوم الجديدة وتأثيرها المحتمل على الاقتصاد الوطني.
كما أكد أن المملكة تعتمد استراتيجية اقتصادية مرنة تمكّنها من التكيف مع التغيرات الدولية والحفاظ على مصالحها التجارية.
الجدل الدائر حول هذه الرسوم الجمركية يطرح تساؤلات حول مدى تأثيرها الفعلي على التجارة العالمية، حيث يرى خبراء أن مثل هذه السياسات الحمائية قد تؤدي إلى موجة جديدة من التوترات التجارية، خاصة مع توجه دول متضررة إلى الرد بالمثل، مما قد يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي العالمي.
بالنسبة للمغرب، فإن الحكومة تبدو متفائلة بإمكانية التفاوض مع الجانب الأمريكي لتعزيز اتفاقية التبادل الحر، وتجنب أي انعكاسات سلبية كبيرة على الاقتصاد الوطني، خصوصًا في ظل الرهان على دور المغرب كبوابة للاستثمار والتجارة في إفريقيا والعالم العربي.
ويظل موقف بايتاس مؤكدًا على أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية المغربية الأمريكية مع ضمان مصالح المملكة في ظل المتغيرات الدولية.