القطارات السريعة تشق طريقها نحو المونديال.. عمليات هدم واسعة لربطها بملعب بنسليمان

الكاتب : انس شريد

05 أبريل 2025 - 07:30
الخط :

تعيش مدينة الدار البيضاء هذه الأيام على إيقاع تحولات كبرى تجري في صمت على هامش الاستعدادات المكثفة التي يقودها المغرب لاحتضان كأس العالم 2030.

https://youtu.be/vC9RZfGl1oI?si=OhOWA6xoC7T4wYas

ووسط هذه التحولات، برزت مشاهد متسارعة لعمليات هدم استثنائية طالت بنايات محاذية للسكك الحديدية، في خطوة تروم إفساح المجال أمام مشروع استراتيجي ضخم يتعلق بتهيئة مسار القطار فائق السرعة الذي سيوصل العاصمة الاقتصادية بمدينة بنسليمان، حيث يُشيّد أحد أكبر ملاعب كرة القدم في العالم.

ووفقًا لما عاينته الجريدة 24، فإن السلطات المحلية بعمالة عين السبع الحي المحمدي أشرفت على تنفيذ عمليات هدم دقيقة لمجموعة من البنايات الواقعة ضمن المسار المبرمج لإنشاء الخط السككي الجديد، وهي بنايات تم نزع ملكيتها بشكل قانوني وتعويض أصحابها من طرف المكتب الوطني للسكك الحديدية، في إطار مقاربة تجمع بين احترام حقوق الساكنة وتسريع وتيرة إنجاز المشروع.

هذه التحركات ليست معزولة، بل تنسجم مع رؤية تنموية شاملة تنخرط فيها المملكة بكامل إمكانياتها لربح رهان التنظيم المشترك لكأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال.

ويُعد مشروع القطار فائق السرعة أحد أبرز الأوراش التي ستعزز البنية التحتية للجهة، خصوصًا أن هذا الخط الجديد سيُشكل جزءًا من شبكة قطارات جهوية سريعة (RER) ستربط بين مطار محمد الخامس وملعب بنسليمان، مما سيُسهل بشكل كبير تنقل الجماهير والمنتخبات خلال فعاليات المونديال ويمنح الجهة بُعدًا لوجيستيًا جديدًا.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فالمغرب ضخ ميزانية تُقدر بحوالي 600 مليون درهم لتهيئة الطرق المؤدية إلى الملعب الكبير ببنسليمان، الذي من المتوقع أن يُشكل مفخرة معمارية ورياضية للمنطقة وللمغرب ككل.

وتشمل الأشغال أربعة مقاطع رئيسية ستمتد على عدة محاور حساسة، من بينها تثليث الطريق الإقليمية 3308 وإنشاء ممر تحت أرضي عند البدال الشمالي، لتخفيف الضغط المروري، مرورًا بتثنية الطريق الإقليمية 3323 عند بدال بوزنيقة، والطريق 3304 نحو المنصورية، وصولًا إلى تمديد الشبكة لتشمل الطريق الجهوية 313، حيث ستُنجز ممرات تحت أرضية عند تقاطعات الطرق الرئيسية لضمان سلاسة في الحركة.

أرقام الاستثمار تكشف عن مدى جدية المشروع، إذ تصل تكلفة المقطع الأول إلى نحو 28.67 مليون درهم، بينما تصل تكلفة المقطع الثاني إلى 143.8 مليون درهم، والمقطع الثالث إلى 183.1 مليون درهم، أما المقطع الرابع والأكبر من حيث الميزانية فيبلغ 249.64 مليون درهم، وهو ما يعكس التزام الدولة بتوفير شبكة نقل قوية ومتكاملة تستجيب للمعايير العالمية وتتماشى مع متطلبات الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".

ولم يعد التحضير لكأس العالم في المغرب، مجرد هدف رياضي، بل تحول إلى مشروع وطني متكامل يحرك عجلة التنمية ويعيد رسم خريطة البنيات التحتية بالمملكة.

ملعب الحسن الثاني الكبير، الذي اختير ضمن الملاعب المرشحة لاحتضان المباريات الكبرى وربما حتى المباراة النهائية، يُجسد هذا الطموح.

تصميمه مستوحى من التقاليد المغربية العريقة، ويشبه في هيكله "الخيمة" التقليدية التي تُقام خلال مواسم الاحتفال في البوادي المغربية، مما يمنح الملعب بعدًا ثقافيًا عميقًا ويُضفي عليه لمسة من الأصالة وسط غابة طبيعية تمنحه سحرًا خاصًا.

بسعة تصل إلى 115 ألف متفرج، يُنتظر أن يكون هذا الملعب واحدًا من أكبر الملاعب في العالم، ومؤهلاً لاستقبال أكبر المباريات، ضمن منشأة تحترم أدق تفاصيل دفتر التحملات الذي تضعه الفيفا.

وتسير الأشغال في محيط الملعب بسرعة كبيرة، في سباق مع الزمن لإنهاء الورش قبل مواعيد الحسم، بينما تشتغل الشركة الوطنية للطرق السيارة على إطلاق طلب عروض دولي لإنجاز أشغال الربط الطرقي، في خطوة جديدة تعكس البُعد العالمي لهذا المشروع، ومن المرتقب فتح الأظرفة في 8 ماي المقبل، وهي لحظة مفصلية ستُحدد ملامح الأشطر النهائية من هذا الورش.

كل هذه المشاريع المترابطة تعكس بوضوح الرؤية الاستراتيجية التي يتبناها المغرب في السنوات الأخيرة، والتي تقوم على تعزيز مكانة المملكة كوجهة رياضية عالمية، تجمع بين جودة التنظيم، تطور البنية التحتية، وجاذبية الموقع الجغرافي والثقافي.

TV الجريدة