أوزين: إذا كان الاستقلال ضد “الفراقشية” فليوقع على لجنة تقصي الحقائق

في مناخ سياسي مشبع بالتوتر والتساؤلات، تحوّلت ندوة سياسية احتضنتها مدرسة HEM للأعمال والهندسة بمدينة الدار البيضاء إلى منصة مفتوحة لقادة المعارضة من أجل إطلاق مواقف لاذعة تجاه أداء الحكومة، وسط ما وصفوه بـ"ركود سياسي" و"انسداد في قنوات الحوار الديمقراطي".
الندوة، التي حملت عنوانًا عريضًا: "المعارضة السياسية والمشاركة في صنع القرار: أي دور لبناء التوازن السياسي في البلاد؟"، جمعت أسماء وازنة من المشهد الحزبي، من ضمنهم نبيل بنعبد الله، ومحمد أوزين، وإدريس لشكر، الذين أجمعوا على أن الحياة السياسية في المغرب تمرّ بمنعطف مقلق، حيث تغيب المبادرة، وتخفت أصوات النقاش داخل المؤسسات المنتخبة.
في واحدة من أكثر المداخلات إثارة للانتباه، اختار محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، أن يُخرج ورقة الرقابة البرلمانية من جيب المعارضة، ملوّحًا بإمكانية تفعيل لجنة تقصي الحقائق.
وأوضح أن تقديم ملتمس الرقابة كان مطروحًا بالفعل، لكنه تأجل تزامنًا مع تقديم الحكومة لحصيلة منتصف ولايتها، مفضلًا المضي في تفعيل آلية التقصي، التي وصفها بـ"أداة لكشف من هم نواب الأمة ومن هم نواب الحكومة".
أوزين لم يفوّت الفرصة أيضًا لمهاجمة حزب الاستقلال، على خلفية الجدل الذي رافق تصريحات أمينه العام نزار بركة، بخصوص ملف استيراد الأغنام، والذي فجّر ما بات يُعرف إعلاميًا بقضية "الفراقشية".
موجّهًا سؤالًا مباشرًا: "ما الذي يمنع حزب الاستقلال، بوزرائه ونوابه، من التوقيع على ملتمس لجنة تقصي الحقائق؟ هل يخشون محاسبة النوايا الحكومية؟"
وبنبرة حادة، وجه الأمين العام لحزب "السنبلة" رسائل مبطنة إلى نواب الأغلبية، داعيًا إياهم إلى تحديد تموقعهم السياسي.
مؤكدا أنه لا يمكن الحديث عن انسجام حكومي على حساب جيب المواطن.
ويأتي هذا الجدل في وقت تتصاعد فيه موجة استياء شعبي بسبب استمرار ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء، رغم الدعم الحكومي الموجه لمستوردي الأغنام، في واحدة من أكثر الملفات حساسية خلال الأشهر الماضية.
إذ فاقمت تضارب التصريحات الصادرة عن مسؤولين حكوميين وقادة سياسيين من حالة الارتباك، وسط تشكيك في الأرقام المعلنة.
وكان نزار بركة قد أشار إلى أن كلفة الاستيراد تجاوزت 13 مليار درهم، في تصريح أثار الكثير من التساؤلات، قبل أن تخرج وزارة الفلاحة لاحقًا لتقدم رواية مغايرة، تؤكد أن الكلفة لم تتجاوز 437 مليون درهم موزعة بين سنتي 2023 و2024، ما اعتُبر محاولة لاحتواء الأزمة وتبديد الجدل.
ورغم محاولة الحكومة الدفاع عن تدابيرها، فإن المعارضة ترى أن الغموض ما يزال سيد الموقف، وأن مبدأ المحاسبة يجب أن يُفعّل، ليس فقط لإعادة الثقة في المؤسسات، بل أيضاً لإثبات أن البرلمان ما زال قادرًا على لعب دوره الرقابي.