ماذا يعني تخلي دول الساحل عن فرنسا والتحالف مع روسيا؟

في تطور لافت ومثير، وفي الوقت الذي تشهد في العلاقات بين الجزائر ودولا من منطقة الصحراء والساحل، أعلنت روسيا عن دعمها للجهود الامنية لهذه الدولية التي على خلاف مع الجارة الشرقية للمغرب.
وجاء الموقف على هامش انعقاد أول قمة رباعية بين وزراء خارجية روسيا وتحالف دول الساحل أي مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو، بالعاصمة الروسية موسكو.
في هذا الاجتماع، تصدر الملف الأمني جدول الأعمال، في ظل تنامي التحديات الإرهابية والانفصالية في منطقة غرب أفريقيا.
القمة، التي أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على انعقادها سنويا، تأتي في سياق إعادة تشكيل التحالفات الجيوسياسية بالمنطقة بعد ابتعاد هذه الدول عن فرنسا وتقاربها مع موسكو.
وفي الوقت الذي تسعى فيه دول الساحل إلى تعزيز شراكاتها الأمنية والعسكرية لمواجهة الحركات المسلحة، تتزايد المؤشرات على تورط الجزائر في تغذية هذه الحركات، خاصة تلك التي تنشط في مناطق قريبة من الحدود الجزائرية، في إطار محاولاتها المتكررة لإرباك استقرار المغرب والتأثير سلبا على ملف الصحراء المغربية.
دعم ضمني لحركات انفصالية
وتتهم عدة فاعلين إقليميين الجزائر بلعب دور سلبي في تقوية شوكة الحركات الانفصالية، خصوصا من خلال احتضانها وتوفير الدعم السياسي واللوجستي لجماعات مسلحة تتخذ من النزاع في الصحراء المغربية ذريعة للتمدد في الساحل.
هذا التوجه يتقاطع مع التقارير التي تحدثت عن تورط أجهزة استخباراتية في تسهيل عبور المقاتلين عبر الحدود، وتغذية النزاعات العرقية والإثنية في منطقة الساحل الكبرى.
ويبرز في هذا السياق ملف الطوارق، حيث أشارت تسريبات استخباراتية إلى تورط عناصر انفصالية تدعمها الجزائر، وأخرى يشتبه في تلقيها مساعدات من جهات أوكرانية، وفق ادعاءات تقارير استخباراتية، في مواجهات دامية ضد مجموعات فاغنر الروسية، على الحدود الجزائرية المالية، وهو ما أثار استنكار وزراء خارجية دول الساحل، ودفعهم إلى اتهام أوكرانيا بدعم "الإرهاب" في رسالة رسمية وجهت إلى مجلس الأمن.
إعادة رسم خريطة النفوذ
القمة الروسية – الساحلية تأتي في وقت يشهد فيه الإقليم تحولات استراتيجية كبيرة، أبرزها تخلي الدول الثلاث عن التعاون العسكري مع باريس، وتوجهها نحو موسكو التي وعدت بدعم لوجستي وتقني متقدم، إضافة إلى تعزيز قدرات هذه الدول في مواجهة التهديدات العابرة للحدود.
وقال لافروف إن روسيا تنظر إلى هذا التحالف بوصفه نموذجا جديدا للأمن الإقليمي المستقل، مؤكدا على استعداد بلاده لتقديم دعم عسكري مباشر، في وقت أعلنت فيه دول الساحل عن إنشاء قوة دفاعية مشتركة قوامها 5 آلاف جندي.
محاولة لزعزعة الاستقرار الإقليمي
وتأتي هذه التطورات في ظل جهود المغرب لتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الساحل، عبر مبادرات تنموية وأمنية متعددة، كان أبرزها فتح قنوات تعاون مع دول الساحل ومواجهة ظاهرة التطرف العابرة للحدود. غير أن هذه الجهود تصطدم بمحاولات الجزائر المستمرة لزعزعة الاستقرار الإقليمي، عبر تبني مقاربات أمنية تتقاطع مع مصالح الجماعات الانفصالية والمسلحة، ما يثير تساؤلات حول حقيقة الدور الذي تلعبه الجزائر في ظل التحولات الجيوسياسية الحالية.
ويبقى التحدي الأكبر أمام دول الساحل اليوم هو فك الارتباط بين الحركات الانفصالية والإرهابية من جهة، والدعم الخارجي المشبوه الذي يهدد أمن المنطقة واستقرارها، في وقت تسعى فيه دول مثل المغرب لتعزيز السلام والتنمية في جوارها الإقليمي.