المعارضة تدق ناقوس الخطر قبل انتخابات 2026: لا ديمقراطية مع الفساد والمال السياسي

الكاتب : انس شريد

09 أبريل 2025 - 09:30
الخط :

في زمن يتكاثر فيه الصمت وتتكاثر فيه الأسئلة، اجتمع قادة المعارضة المغربية في قلب مدينة الدار البيضاء، لا ليكرروا خطابات مألوفة، بل ليدقّوا ناقوس الخطر، محذّرين من انحدار التجربة الديمقراطية إلى متاهات المال الفاسد وتغوّل السلطة، وسط استعدادات حذرة لخوض غمار انتخابات 2026.

المنصة كانت ندوة فكرية نظمتها مدرسة HEM، لكن الرسائل التي انبثقت منها بدت أقرب إلى بيان سياسي صريح، يتهم، يكشف، ويدعو إلى وقفة تصحيحية قبل فوات الأوان.

لم يكن حضور نبيل بنعبد الله، ومحمد أوزين، وإدريس لشكر، يوم أمس الثلاثاء، مجرّد تمثيل رمزي للمعارضة، بل حمل كلٌّ منهم خطابًا متخما بالقلق من مستقبل البلاد السياسي، حيث طغت مفردات مثل "الفساد"، و"التغوّل"، و"المهزلة"، و"الإيهام الديمقراطي" على كل المداخلات.

الكل كان يُجمع على شيء واحد: هناك خطر حقيقي يهدد نزاهة الانتخابات المقبلة، والرد لا يمكن أن يكون إلا من خلال مشاركة شعبية واسعة، ورفضٍ جماعي لأساليب تزييف الإرادة السياسية للمواطنين.

نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، لم يكتف بتوجيه الانتقادات، بل مضى أبعد من ذلك، واضعًا يده على الجرح مباشرة، حين أشار إلى أن الفساد لم يعد مجرد شبهة ترافق بعض الحملات الانتخابية، بل أصبح عمادًا في بناء التحالفات وتوجيه النتائج.

وتحدث بصوت لا يخلو من الغضب والمرارة، مشيرًا إلى أن القفف الرمضانية تحوّلت من مبادرة اجتماعية إلى سلاح سياسي يُستعمل للتأثير على الناخبين في لحظة ضعف إنساني.

ولم تكن رسالة بنعبد الله، فقط في صياغة المشكلات، بل في تقديم تصور لحلها: مواجهة تغوّل المال لا يكون إلا عبر تحفيز المواطنين على الانتخاب الحر، وخلق تعبئة حقيقية تنبذ المفسدين، وتعيد الاعتبار للكفاءات السياسية من شباب ونساء وطلبة ونخب مهنية.

وأكد المتحدث ذاته أن حزبه لا يخشى الصناديق النزيهة، بل يتوق إليها، لأنها كفيلة بإحداث التغيير الحقيقي الذي يطمح إليه المغاربة.

لكن الانتقاد لم يتوقف عند حدود التحذير من الفساد المالي، بل كسف بنعبد الله أيضًا عن إشكالية أعمق، وهي تعمُّد الحكومة تجاهل أدوار المعارضة وامتهان البرلمان، مستحضرًا تصريحًا لرئيس الحكومة يعتبر فيه أن كلام المعارضة "يدخل من أذن ويخرج من الأخرى"، في سابقة اعتبرها إساءة فادحة للعمل الديمقراطي واستخفافًا بدور المؤسسات.

وفي لغة لا تخلو من التحدي، أضاف أن المعارضة لن تصمت، بل ستواصل الضغط والمساءلة، ولن تتردد في فضح كل من يريد العبث بمسار التحول الديمقراطي.

محمد أوزين، بدوره، لم يتوانَ عن وصف الحكومة الحالية بأنها تجمع بين كل السلبيات التي كانت متفرقة في الحكومات السابقة، مؤكدا أن الانتخابات المقبلة لا بد أن تكون عقلانية وتعتمد على النزاهة والشفافية والوضوح.

مشيرًا إلى أن تحالف الأغلبية الحالي خلق حالة من الجمود، بل من العجز عن الاستجابة لتطلعات المواطنين.

ومثل بنعبد الله، أشار محمد أوزين إلى استغلال الإحسان العمومي في الترويج السياسي خاصة في الحملات الانتخابية، معتبرًا أن ما يُقدم باسم الدولة الاجتماعية ما هو إلا قناع لتغوّل سياسي مفضوح.

أما إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، فقد أكد أن التوازن السياسي، برأيه، أصبح من الماضي، والقوانين الانتخابية باتت تُفصل على المقاس، بما يكرّس هيمنة فئة بعينها ويقصي أصواتًا لا تقل وطنية أو كفاءة.

ولم يُخف لشكر أسفه حيال ما وصفه بتراجع منسوب الإصلاح السياسي، قائلاً إن البلاد في عهد حكومة عزيز أخنوش فقدت الزخم الإصلاحي الذي انطلق بعد دستور 2011، معتبراً أن التفعيل الحقيقي لتلك المقتضيات الدستورية أصبح اليوم أكثر صعوبة وتعقيداً، بفعل توجهات الحكومة الحالية.

كما اتهم الحكومة الحالية، بممارسة سياسة "التغول" واحتكار القرار السياسي بشكل مفرط، ليس فقط على المستوى المركزي، بل حتى في تدبير الشأن الجهوي والمحلي، مما أفرغ العملية السياسية من أي توازن حقيقي.

آخر الأخبار