بايتاس وسط عاصفة استيراد المواشي: الحكومة تلتزم الحياد وتدعم رقابة البرلمان

الكاتب : انس شريد

10 أبريل 2025 - 06:30
الخط :

تعيش الساحة السياسية المغربية هذه الأيام على وقع نقاش محتدم، لم يعد مجرد خلاف اقتصادي ظرفي، بل تحوّل إلى أزمة سياسية واجتماعية مفتوحة، عقب تفجّر ملف الدعم الحكومي لاستيراد الأغنام واللحوم الحمراء، وما رافقه من تضارب في الأرقام الرسمية، وكشف لشرخٍ واضح في ثقة المواطنين تجاه مؤسسات الدولة.

القضية التي كان يُفترض أن تكون إجراءً استباقيًا لتخفيف تداعيات غلاء الأسعار، تحوّلت إلى ملف ملغوم، بعدما خرجت شخصيات بارزة بتصريحات متضاربة حول الكلفة الحقيقية للدعم.

ففي الوقت الذي صرح فيه نزار بركة، وزير التجهيز والماء والأمين العام لحزب الاستقلال، أن الغلاف المالي للعملية تجاوز 13 مليار درهم، خرج رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب وقيادي حزب التجمع الوطني للأحرار، لينفي هذا الرقم جملة وتفصيلًا، مؤكدًا أن الكلفة لم تتعد 300 مليون درهم.

هذا التباين الحاد لم يمر مرور الكرام، بل فجّر موجة غضب وسخرية على مواقع التواصل، وساهم في توسيع فجوة الثقة بين المواطن والمؤسسات.

في خضم هذا التوتر، دخل الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، على خط الجدل، مؤكدًا التزام الحكومة التام باحترام صلاحيات البرلمان في اختيار آلياته الرقابية، سواء عبر لجنة تقصي الحقائق التي تطالب بها المعارضة، أو من خلال مهمة استطلاعية كما تفضّل الأغلبية.

وقال بايتاس في ندوته الصحفية عقب اجتماع المجلس الحكومي: "لا يمكن للحكومة، أو لي شخصيًا، ترجيح آلية رقابية دون أخرى، فهذا اختصاص حصري لكل فريق برلماني وفق التزاماته، سواء كان في المعارضة أو في الأغلبية".

تصريح بايتاس لم يأتِ فقط في سياق توضيحي، بل حمل في طيّاته رسائل تهدئة، بعدما تصاعدت الدعوات داخل البرلمان لفتح تحقيق شفاف وشامل في ملف الدعم، وخصوصًا بعد التسريبات التي تفيد بعدم استفادة المستهلك النهائي من أي انخفاض في الأسعار، رغم المبالغ المالية الكبيرة المرصودة للعملية.

وأضاف بايتاس، في موقف بدا حاسمًا، أن "الحكومة تسهر على أن تكون علاقتها بالمؤسسة التشريعية مبنية على التوازن والتعاون، كما نصت على ذلك قرارات المحكمة الدستورية"، مبرزًا أن من واجب الحكومة المساهمة في ترسيخ احترام الفصل بين السلط، دون الإخلال بروح المسؤولية والتنسيق الضروري بين الفاعلين.

وفي انتظار ما ستكشف عنه الأيام المقبلة من معطيات، خاصة مع تنامي الضغط البرلماني والشعبي، يبقى ملف استيراد المواشي عنوانًا صارخًا لأزمة أعمق، يتداخل فيها الاقتصادي بالسياسي، ويختبر فيها المغاربة مجددًا حدود الشفافية الحكومية، ومصداقية الأرقام، وقدرة الدولة على إقناع المواطن بأن قراراتها تصب فعلاً في مصلحة الجميع، لا في جيوب القلة.

آخر الأخبار