تقرير برلماني: نقل غائب وصحة جامعية مريضة

في وقت تتغنى فيه التصريحات الرسمية بجودة الحياة الجامعية، أماط تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة لمجلس النواب حول الأحياء الجامعية اللثام عن اختلالات عميقة تمس جوهر الخدمات الاجتماعية والثقافية والصحية والرياضية المقدمة لآلاف الطلبة، كاشفا واقعا متدهورا يطرح أكثر من علامة استفهام حول نوايا إصلاح التعليم العالي بالمغرب.
النقل الجامعي.. معاناة يومية في صمت
أحد أبرز أوجه القصور التي وقف عليها التقرير، يتعلق بغياب منظومة نقل فعالة تربط الأحياء الجامعية بالكليات ومرافق المدينة.
ووفق التقرير، يضطر الطلبة، خصوصا في المدن الكبرى، إلى قطع مسافات طويلة مشيا أو عبر وسائل نقل خاصة تثقل كاهلهم المادي، في غياب دعم حقيقي من الدولة.
التقرير شدد على أن هذا الخلل يحول الأحياء الجامعية إلى جزر معزولة، تعمق عزلة الطالب بدل دمجه في النسيج الحضري، وتقوض حقه في التنقل الكريم والآمن.
خدمات صحية هشة
ورصد التقرير ضعفا بنيويا في الخدمات الصحية الجامعية، حيث لا تتوفر العديد من الأحياء على مراكز صحية مؤهلة، فيما يعاني القائم منها من خصاص حاد في الأطر الطبية والتمريضية، وغياب سيارات إسعاف، ونقص حاد في الأدوية والتجهيزات.
ونبه التقرير إلى غياب أي دعم نفسي منظم لفائدة الطلبة، رغم ما يتعرضون له من ضغوط نفسية ومشاكل اجتماعية قد تؤثر على مسارهم الجامعي، مشيرا إلى أن الخدمات الصحية الجامعية لا تستجيب لمعايير الحد الأدنى من الكرامة.
الهامش المنسي
ولا يختلف الوضع كثيرا على مستوى الأنشطة الثقافية والرياضية، إذ أوضح التقرير البرلماني أن معظم المرافق الرياضية تعاني من الإهمال وانعدام الصيانة، كما تغيب الأنشطة المنظمة بشكل منتظم، ما يحرم الطلبة من متنفس أساسي يساعدهم على التوازن الجسدي والنفسي.
ولفت المصدر إلى ضعف الطاقة الاستيعابية للمكتبات، وتواضع المراجع العلمية المتوفرة بها، إلى جانب ضعف جودة الإنترنت الذي يفترض أن يكون من أهم أدوات الدراسة الجامعية في العصر الرقمي.
الولوجيات مغيبة
ولم يغفل التقرير الحديث عن التمييز الصامت ضد الطلبة في وضعية إعاقة، والذين يواجهون صعوبات حقيقية في الوصول إلى المرافق الجامعية أو المشاركة في الأنشطة الرياضية والثقافية، نتيجة غياب ولوجيات حقيقية وعدم ملاءمة البنيات التحتية لاحتياجاتهم.
توصيات... لكن من ينصت؟
وأوصى التقرير الاستطلاعي بجملة من الإجراءات العاجلة، منها توفير أسطول نقل جامعي مجاني ومنتظم، وتجهيز المراكز الصحية وتأمين تغطية صحية شاملة للطلبة.
وشدد التقرير على ضرورة إدماج خدمات الدعم النفسي والاستشارة الاجتماعية في الأحياء الجامعية، وإصلاح وتأهيل الفضاءات الرياضية والثقافية.
واكد التقرير البرلماني على ضرورة ضمان المشاركة المتساوية لذوي الإعاقة، وإشراك المجتمع المدني في تأطير الحياة الجامعية.
ورغم وجاهة هذه التوصيات، فإنها تبقى معلقة في الهواء، في غياب إرادة سياسية فعلية لتنفيذها وتخصيص ميزانيات محترمة لذلك.
ولمح التقرير إلى أن الخلاصات التي توصل إليها البرلمانيون ليس مجرد وثيقة تقنية، بل صفعة لضمير السياسات العمومية، ورسالة واضحة أن الجامعة المغربية لا تحتاج فقط لبنيات تحتية، بل إلى رؤية شاملة تنطلق من كرامة الطالب كأولوية قصوى.