بلعروش يبهر القارة السمراء.. هل وجد المغرب خليفة بونو؟

الكاتب : انس شريد

17 أبريل 2025 - 08:30
الخط :

بينما تستعد الجماهير المغربية لنهائي كأس أمم إفريقيا لأقل من 17 سنة، يسطع نجم شاب يشق طريقه بهدوء نحو مجد قديم يتجدد في كل مرة يتألق فيها حارس مرمى مغربي.

ولا يكتفي شعيب بلعروش، ابن السابعة عشرة، بتصديات حاسمة على المستطيل الأخضر، بل يبث أملاً واسعاً في مستقبل حراسة المرمى الوطنية، ويحيي في ذاكرة الجماهير أسماء كبار صنعوا الفارق على مستوى القارة والعالم، يتقدمهم بادو الزاكي وياسين بونو.

وبينما تعلو الهتافات في مدرجات الملاعب المغربية، يتساءل الكثيرون: هل نحن أمام بونو جديد؟ وهل يكسب المغرب حارساً استثنائياً للمستقبل القريب؟

وتجاوز أداء بلعروش في هذه البطولة التوقعات، حيث لم يكن مجرد حارس موهوب ضمن منتخب ناشئ، بل تجسيد لشخصية القائد الذي يُلهم زملاءه، ويبعث الثقة في نفوس الجماهير.

ثلاث مباريات في دور المجموعات دون أن تهتز شباكه، وأداء ثابت أمام خصوم متنوعين من أوغندا إلى زامبيا ثم تنزانيا، كلها جسدت صورة الحارس الذي لا يكتفي بالرد على التسديدات، بل يتحكم في الإيقاع، ويوزع الأمان على رباعته الدفاعية، وكأنه يلعب تحت الضغط منذ أعوام.

ورغم صغر سنه، بدا بلعروش ناضجاً في تصرفاته داخل الملعب وخارجه، وهو ما تجلى بشكل صارخ في موقعة نصف النهائي أمام كوت ديفوار.

لقاء بلا أهداف خلال الوقت الرسمي، ثم ملحمة ترجيحية كتب فيها الحارس المغربي الصغير اسمه بأحرف من ذهب، عندما تصدى لثلاث ركلات جزاء، وقدم واحدة من تلك اللحظات التي تصنع أساطير الكرة، وتُزرع في ذاكرة الجماهير لأجيال.

ولا يكن مشهد احتفاله مع زملائه بعد التأهل إلى النهائي مجرد فرحة عابرة، بل إعلان عن ميلاد نجم يحمل شخصية الانتصار، ويعيش كرة القدم كأنها قدر مكتوب.

ما يميز بلعروش ليس فقط تصدياته، بل هدوؤه، تركيزه، ونضج ردود أفعاله.

في كل لقاء، بدا كما لو أنه يتعلم درساً جديداً، ويضيف إلى رصيده من الخبرات ما يجعله يتطور بسرعة لافتة.

وخلف هذا الهدوء قصة صعود بدأت من ملاعب الأحياء، حيث اكتشف شغفه الأول، قبل أن تلتقطه أعين أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، المؤسسة التي باتت مصنعاً للنجوم، وصاحبة الفضل في بروز جيل جديد من اللاعبين المغاربة الذين يُعاد بفضلهم رسم خارطة الكرة الوطنية.

في خضم هذا التألق، بدأت أنظار كشافي الأندية الأوروبية تتجه نحو اللاعب المغربي الواعد، الذين يتابعون البطولة من مدرجات الملاعب ومن خلف الشاشات، بحثاً عن موهبة خام يمكن صقلها في الدوريات الكبرى.

وفي ظل هذا الاهتمام المتزايد، يجد الاتحاد المغربي لكرة القدم نفسه أمام مسؤولية كبيرة: حماية الموهبة، وتوفير بيئة تطور، وتوجيه المسار بما يخدم المنتخب أولاً وأخيراً.

ويدرك بلعروش أن البطولة الحالية ليست سوى بداية الرحلة، ومع ذلك لا يُخفي حماسه للنهائي المرتقب أمام مالي، حيث دعا الجماهير المغربية للحضور بقوة، ودعم الأشبال في لحظة قد تكون فارقة في تاريخ هذا الجيل.

وقالها صراحة بعد انتهاء المقابلة: "لا نهاب أحداً، والكأس هدفنا منذ اليوم الأول". كلمات ناضجة من فتى لا يزال في ربيعه السابع عشر، لكنها تعكس حجم الشخصية التي يتمتع بها، وثقته في قدرات فريقه.

ويعتبر المهتمين بالشأن الرياضي، أنه إذا واصل بلعروش التطور بهذا النسق، فإن ظهوره في نهائيات كأس العالم 2030 بقميص الأسود لن يكون حلماً بعيداً.

بل سيكون امتداداً طبيعياً لمسار بدأ بقفاز صغير وموهبة صامتة، وتحول إلى قصة وطنية تعيشها الجماهير اليوم، وقد ترويها غداً للأجيال القادمة حين يسأل أحدهم: من هو الحارس الذي جاء بعد بونو؟ وربما يكون الجواب حينها، بثقة كاملة: شعيب بلعروش.

آخر الأخبار