بعد ضجة التسريبات.. الأغلبية ترفض التسييس وتؤكد قدرة المغرب على الصمود السيبراني

شهد المغرب، مؤخرا، هجوماً سيبرانياً طال عدداً من مؤسساته الحساسة، في مقدمتها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حيث تم تسريب بيانات ضخمة تخص مقاولات وأجراء، لتجد المملكة نفسها في صميم واحدة من أكثر المعارك العالمية تعقيداً: الحرب الإلكترونية.
هذا الهجوم لم يمر مرور الكرام، بل استنفر الفاعلين السياسيين، وكشف عن وعي متزايد بضرورة تحصين السيادة الرقمية للبلاد في مواجهة تهديدات عابرة للحدود.
تفاعلاً مع الواقعة، خرج ممثلو الأغلبية البرلمانية لتأكيد أن ما جرى، رغم خطورته، يندرج ضمن سياق عالمي تتسارع فيه وتيرة الحروب السيبرانية، حيث لم تسلم من براثنها حتى الدول العظمى.
واعتبر محمد شوكي، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، في كلمته خلال لقاء احتضنته مؤسسة الفقيه التطواني، الهجوم "إجراماً رقمياً" يطال مؤسسات وطنية وسلطات حكومية، محذراً من الانزلاق نحو التسييس أو الشعبوية في التعاطي مع الحدث.
بالنسبة إليه، فإن الهجوم لا يمس فقط الدولة، بل يضرب في العمق شركات ومقاولات وطنية تشتغل بشفافية، وتلتزم بدفع الضرائب، وتصرح بأجور مستخدميها، ما يجعل من هذا الفعل خرقاً صريحاً للمعطيات الشخصية وعدواناً ممنهجاً على الفضاء الرقمي الوطني.
وبدا شوكي، واثقاً من قدرات المغرب في التصدي لمثل هذه التحديات، مؤكداً أن الدولة تتوفر على ما يكفي من الأدوات والآليات لحماية سيادتها الرقمية.
ومذكّراً بأن دولاً مثل الولايات المتحدة وأوروبا واجهت هجمات مماثلة، بل ربما أكثر ضراوة، معتبرا في نفس الوقت أن المسألة لا تتعلق بضعف أو عجز، وإنما بطبيعة المرحلة التي أضحت فيها الحدود الإلكترونية مفتوحة على احتمالات لا حصر لها من الاختراقات والتجسس والابتزاز.
أما أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، فقد دعا إلى التعامل مع الحدث بحذر دون تهويل، مشدداً على أن الحرب السيبرانية أصبحت من معطيات العصر الحديث، وأن المغرب ليس استثناءً في هذا المشهد العالمي المعقد.
ورفض التويزي، الربط التلقائي بين الاختراق وبين الفشل المؤسساتي، معتبراً أن مثل هذه الحوادث يجب أن تتحول إلى دروس حقيقية تدفع الإدارات العمومية إلى تسريع وتيرة التحول الرقمي وتطوير البنية التحتية المعلوماتية، من خلال اعتماد برمجيات أكثر تطوراً قادرة على صدّ محاولات الاختراق والقرصنة.
الحدث الذي أشعل فتيل النقاش، لم يكن مجرد هجوم تقني، بل تحوّل إلى مادة دسمة للتهكم والسخرية عبر الإعلام الجزائري، الذي حاول توظيفه سياسياً في سياق التوترات المزمنة بين الجارتين.
غير أن التحدي الحقيقي لم يكن في حملة إعلامية عابرة، بل في تسريب كميات مهولة من المعطيات الحساسة، الأمر الذي دفع عدداً من المؤسسات إلى إعلان حالة استنفار قصوى، لمراجعة أنظمتها الرقمية وإعادة تقييم جاهزيتها في مواجهة موجات قرصنة قد لا تكون الأخيرة.