أمريكا تُلوح بتغيير قواعدها العسكرية في أوروبا.. والمغرب في واجهة البدائل

الكاتب : انس شريد

20 أبريل 2025 - 09:30
الخط :

تتواصل مؤشرات الانسجام والتقارب في العلاقات المغربية الأمريكية، وسط تطورات سياسية وعسكرية تعكس متانة الشراكة بين البلدين واستمرار واشنطن في تأكيد مواقفها الاستراتيجية تجاه الرباط، خاصة فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، التي باتت تمثل أحد أوجه التفاهم السياسي الراسخ بين العاصمتين.

ففي لقاء عقد مؤخرًا بالعاصمة الأمريكية واشنطن، بين وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، وكاتب الدولة الأمريكي، ماركو روبيو، جدّد هذا الأخير الموقف الأمريكي الثابت بالقول إن "الولايات المتحدة تعترف بسيادة المغرب على الصحراء"، ما يرسّخ موقفًا رسميا سبق وأن عبّر عنه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، خلال مكالمة هاتفية مع الملك محمد السادس، في دجنبر 2020، أعلن خلالها إصدار مرسوم رئاسي يقضي بالاعتراف الكامل بسيادة المملكة على كافة ترابها الصحراوي، بصفته مرسوما ذا قوة قانونية وسياسية، وساري المفعول الفوري.

هذا التناغم السياسي يجد امتداده اليوم في نقاش دولي متجدد أثارته تقارير إسبانية وصحيفة "فايننشال تايمز" الأمريكية، التي سلطت الضوء على مستقبل قاعدة "روتا" العسكرية الأمريكية في إسبانيا، في ظل المتغيرات الجيوسياسية واحتمالات عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وما قد يصاحبها من تحولات في تموقع الولايات المتحدة العسكري في أوروبا.

ووفق التقرير الذي نشرته الصحيفة الأمريكية، فإن هناك احتمالا متزايدًا بأن يفكر ترامب، المعروف بانتقاداته للحلفاء الأوروبيين، في تقليص التواجد العسكري الأمريكي في أوروبا، وقد يُقدم على خطوات راديكالية تشمل نقل قاعدة "روتا" إلى بلد آخر، والمغرب يبرز ضمن أبرز المرشحين بفضل موقعه الجغرافي الاستراتيجي، واستقراره السياسي، وعلاقاته الوثيقة مع واشنطن.

التقرير أشار إلى أن تولي ترامب الرئاسة من جديد، قد يقلب الحسابات التي وضعتها وزارة الدفاع الأمريكية بشأن تعزيز قاعدة "روتا"، خاصة أن ترامب لطالما عبّر عن رفضه لما يسميه "الركوب الأوروبي المجاني" على الحماية الأمريكية، داعيًا الأوروبيين إلى تولي مسؤولية الدفاع عن أنفسهم، بدل الاعتماد على المظلة الأمنية لواشنطن.

كما أبرزت "فايننشال تايمز" أن الوضع القانوني المعقّد لقاعدة "روتا"، التي تقع تحت السيادة الإسبانية وتُدار بشكل مشترك مع البحرية الأمريكية، يشكل عاملاً إضافياً في دفع واشنطن إلى التفكير في نقل القاعدة نحو بلد حليف آخر، تكون فيه حرية التحرك والاستعمال العسكري أكبر، وهو ما يوفره المغرب حسب التحليلات.

ويضيف التقرير أن هذه العناصر مجتمعة، تجعل القاعدة التي تحتضن حوالي 2,800 جندي أمريكي، وتُعدّ ركيزة أساسية في الاستراتيجية الدفاعية الأمريكية بالمتوسط وشمال إفريقيا، عرضة لإعادة التموقع، خاصة مع تنامي الحاجة الأمريكية إلى قواعد أكثر مرونة وتوافقًا سياسيًا في سياق التوترات الدولية المتصاعدة.

من جهته، يرى مايكل والش، المستشار السابق في حملة جو بايدن وخبير الشؤون الخارجية، حسب ما تداولته عدد من التقارير، أن المغرب قد يتحول إلى وجهة بديلة استراتيجية للقوات الأمريكية، نظرا لانخفاض التكاليف السياسية هناك، واستمرار الرباط في تقديم نفسها كحليف موثوق وموقع جيوسياسي مثالي لتأمين المصالح الأمريكية في إفريقيا والشرق الأوسط.

ويأتي كل ذلك في وقت نجح فيه المغرب في ترسيخ حضوره في المشهد الأمني الدولي، وتكريس صورته كفاعل إقليمي متزن، قادر على احتضان شراكات استراتيجية مع قوى كبرى، ضمن رؤية تقوم على تعزيز الأمن الجماعي، ومحاربة التهديدات العابرة، وهو ما يجعل ترشيحه المحتمل لاستقبال قاعدة عسكرية أمريكية ليس مجرد فرضية تقنية، بل خيارًا يندرج ضمن رؤية جيوسياسية أوسع.

وفي ظل كل هذه المعطيات، تتعزز المؤشرات على أن العلاقات المغربية الأمريكية دخلت مرحلة جديدة من التفاهم المتقدم، لا تقتصر على الاعتراف السياسي أو التعاون الأمني، بل تمتد إلى آفاق أوسع تتعلق بإعادة تشكيل خارطة التموقع العسكري الأمريكي خارج أوروبا، وهو ما قد يُدخل الرباط ضمن معادلات الأمن الإقليمي والدولي بشكل غير مسبوق.

آخر الأخبار