بعد طرد سيدة حامل من مستشفى.. هل تتجاوز وزارة الصحة بيروقراطية الإدارة

اهتزت أروقة مستشفى "سانية الرمل" الإقليمي بتطوان على وقع اتهامات خطيرة هزت الرأي العام، وأعادت إلى الواجهة أسئلة محرجة حول واقع المنظومة الصحية في المغرب وبيرقراطية ادارة المستشفيات التي ترفض من يقصدها إذا لم تتوفر فيه الشروط حتى وإن كان في وضعية حرجة.
وفي واقعة وصفت بـ"المهينة واللاإنسانية"، اتهم رئيس جماعة تازروت بإقليم العرائش، بمعية مولدة مرافقة للحالة، الطاقم الطبي بالمستشفى برفض استقبال سيدة حامل في حالة مخاض حرجة، وصلت عبر سيارة إسعاف جماعية، ليتم طردها في مشهد يصفه شهود بـ"الجارح"، رغم صرخات الألم وتوسلات المرافقة وزوج السيدة الحامل.
الملف الذي بدأ بمراسلات محلية، سرعان ما تحول إلى قضية رأي عام وصلت قبة البرلمان، وسط مطالب بفتح تحقيق عاجل، ومحاسبة المتورطين في ما اعتبر "فضيحة صحية".
السيدة وصلت إلى بوابة المستشفى ليلة الخميس 17 أبريل، يرافقها طاقم يضم مولدة تابعة للمركز الصحي مولاي عبد السلام بن مشيش وسائق سيارة إسعاف جماعية. لكن، ووفق رواية رئيس الجماعة، جوبه الطاقم برفض قاطع من الطبيب المداوم، بحجة أن المستشفى لا يستقبل الحالات الواردة من مناطق جغرافية غير تابعة له إداريا، مطالبا بإعادة السيدة إلى مستشفى للا مريم بالعرائش، التي تبعد بأكثر من 110 كيلومترات.
ورغم محاولة المولدة إقناع الطبيب بخطورة الحالة وبعد المسافة، "أصر على موقفه"، تقول الشكاية، متسببا في حالة من الاستياء وسط الطاقم المرافق، الذين لم يسلموا من "الإهانات اللفظية"، وفق الشكايات، في حضور الحارس العام وأفراد من الأمن الخاص بالمستشفى.
وفي المقابل، خرجت إدارة المستشفى عن صمتها، لتنفي بشكل قاطع هذه الاتهامات. وأكدت في بلاغ رسمي أن السيدة خضعت لفحص دام حوالي 30 دقيقة، وتمت إحالتها إلى مستشفى محمد الخامس بطنجة، باعتباره المركز المرجعي للإقليم، مشددة على أن "الحالة لم تكن طارئة" وأن "المسطرة القانونية في إحضار المريضة لم تحترم".
المولدة التي رافقت السيدة رفعت تقريرا مفصلا للمندوب الإقليمي لوزارة الصحة، توضح فيه الملابسات، وهو ما دفع بالنقابة المستقلة للممرضين بالعرائش إلى إعلان تضامنها الكامل معها، مطالبة بـ"فتح تحقيق جاد وفوري".
وفي تطور دخل البرلماني عن حزب الحركة الشعبية، محمد أوزرين على الخط إذ راسل وزير الصحة والحماية الاجتماعية. أوزين وصف ما حدث بـ"التصرف اللاإنساني". ودعا إلى تحقيق عاجل في الموضوع. وتساءل عن التدابير المستعجلة لضمان إنقاذ أرواح النساء في حالات الوضع الطارئة. وطالب بوضع حد لـ"الفوضى الإدارية والبرودة القاتلة" التي تدار بها بعض المرافق الصحية.
وتعيد الواقعة فتح نقاش جدي حول عدالة توزيع الخدمات الصحية، وحدود "الخريطة الإدارية" حين تتقاطع مع الضرورة الطبية، وتجعل من حياة المرضى رهينة مواقف إدارية جامدة، قد تكون لها كلفة بشرية باهظة تصل حد الموت.