لجنة "المغرب الأخضر" تخرج من رفوف النسيان وسط دعوات لرصد اختلالات السياسات الفلاحية

شهد مقر مجلس النواب، يوم أمس الأربعاء، خطوة مؤسساتية هامة تمثلت في التوافق على إعادة هيكلة اللجنة الموضوعاتية المكلفة بتقييم مخطط المغرب الأخضر، بعد فترة جمود دامت لأزيد من ثلاث سنوات.
هذا القرار الذي جاء بعد سلسلة من المطالب النيابية، اعتبر بمثابة انطلاقة جديدة لورش رقابي حيوي ظل معلقًا وسط تساؤلات عن خلفيات تعثره، واتهامات بمحاولات لطمس آثاره في ظل استمرار الجدل حول حصيلة السياسات الفلاحية التي تم تبنيها منذ سنة 2008.
وستباشر اللجنة، أشغالها مطلع الأسبوع المقبل، حيث يرتقب أن تعقد أول اجتماع رسمي لها، ستخصصه لوضع منهجية الاشتغال، وتحديد الخطوات المقبلة التي تشمل جمع المعطيات، وتهيئة الزيارات الميدانية للقطاعات والمؤسسات المعنية، قصد بلورة تقييم دقيق وموضوعي لنتائج هذا المخطط.
وقد تقرر الإبقاء على رئاسة اللجنة في يد الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، باعتباره الجهة التي بادرت بطلب التقييم، وتم تعيين النائب البرلماني عبد الرزاق حلوش رئيسًا خلفًا لزميله نور الدين مضيان الذي فقد عضويته بعد قرار صادر عن المحكمة الدستورية.
وتم إسناد مهمة نائب رئيس اللجنة إلى رشيد الحموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية، فيما تولى عبد الصمد حيكر عن حزب العدالة والتنمية مهمة المقرر، وعُين عبد الرحيم بوعزة عن فريق الأصالة والمعاصرة نائبًا له.
كما ضمت التركيبة النهائية للجنة عددًا من النواب من مختلف الفرق البرلمانية، من بينهم الحسين بن الطيب، ياسمين لمغور، ياسين عكاشة، إسماعيل بن بيي، عبد الفتاح العوني، الشرقاوي الزنايدي، محمد هشامي، والشاوي بلعسال.
إعادة إطلاق أشغال اللجنة لم يأت فقط في سياق مؤسساتي داخلي، بل تزامن مع تنامي الأصوات الداعية إلى مراجعة شاملة للسياسات الفلاحية والبحرية، في ظل التحديات المتزايدة التي تفرضها التقلبات المناخية، وشح الموارد المائية، وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين.
وقد دعت المعارضة البرلمانية، في مناسبات متعددة، إلى القطع مع منطق التصدير المكثف واستنزاف الموارد، مقابل التوجه نحو بناء منظومات إنتاجية تأخذ بعين الاعتبار التوازنات البيئية والأولويات الوطنية المتعلقة بالأمن الغذائي والسيادة الغذائية.
ووجّه عدد من النواب انتقادات حادة للمخطط الذي أطلق في عهد وزير الفلاحة السابق عزيز أخنوش، معتبرين أنه ارتكز أساسًا على مضاعفة الإنتاج وتكثيف الاستثمارات الفلاحية الكبرى، دون أن يوازيه اهتمام كافٍ بالجانب الاجتماعي أو العدالة المجالية، كما لم يواكب بتدابير كفيلة بضبط أسعار المنتجات وضمان استفادة صغار الفلاحين من عائداته.
وذهب بعض النواب إلى اعتبار أن هذا المخطط، بالرغم من بعض الإيجابيات التقنية، فشل في حماية المواطنين من الغلاء، خاصة في المواد الغذائية الأساسية، وهو ما يتجلى في استمرار الأسعار المرتفعة رغم وفرة الإنتاج.
تجدر الإشارة إلى أن اللجنة الموضوعاتية المعنية بتقييم مخطط المغرب الأخضر كانت قد عقدت اجتماعين فقط سنة 2022 بحضور وزير الفلاحة السابق والمدير العام للوكالة الفلاحية، قبل أن يتوقف عملها دون توضيحات رسمية، الأمر الذي أثار حفيظة الفرق النيابية ودفع إلى إعادة تحريك الملف.
ويعوّل العديد من النواب على هذه الخطوة لإعادة الثقة في المؤسسات الرقابية وتعزيز شفافية العمل البرلماني، عبر تقديم تقرير تقييم شامل يساهم في تصحيح الاختلالات وفتح أفق جديد لسياسات فلاحية أكثر عدالة واستدامة.