تحذيرات من مستقبل غامض لشباب المغرب

الكاتب : عبد اللطيف حيدة

28 أبريل 2025 - 04:00
الخط :

في الوقت الذي يتزايد فيه الحديث عن دور الشباب كمحرك للتغيير والتنمية، كشف تقرير دولي حديث عن معطيات صادمة بخصوص الحالة المعنوية لدى الشباب المغربي.
التقرير وضع المملكة في موقع مقلق ضمن التصنيف العالمي.
وبحسب "مؤشر الشباب للمعنوية 2024-2025"، الذي تصدره منظمة "YMI" الدنماركية، حصل المغرب على معدل 7.79 نقطة من أصل 10، وهو من أدنى المعدلات بين الدول التي شملها المسح، وبالكاد تقدم على دولة أوكرانيا المنهكة بالحرب والدمار واللااستقرار، التي جاءت في المرتبة الأخيرة بمعدل 6.82 نقطة.

ورغم أن المغرب تفوق على دولة تعيش وضعا استثنائيا كأوكرانيا، إلا أنه تراجع خلف بلدان نامية مثل كينيا والهند وبيرو، ناهيك عن دول متقدمة كالنرويج، ما ينبه إلى أزمة صامتة في أوساط الشباب المغاربة.

الهوة العمرية

وشملت الدراسة عينة من 355 مشاركا مغربيا، بينهم أطفال لا تتجاوز أعمارهم سبع سنوات، رغم أن الفئة المستهدفة رسميا تبدأ من سن الثامنة.
وحسب التقرير، فإن الأطفال دون سن 13 عاما سجلوا معدل معنوية أعلى (7.85 نقطة)، بينما تراجع المعدل إلى 7.69 لدى المراهقين (13-17 عاما)، في إشارة مثيرة للقلق عن تآكل الإحساس بالانتماء والثقة بالذات مع التقدم في العمر.

مؤشر الإحساس بالانتماء ذاته شهد انخفاضا حادا من 8.11 نقطة لدى الأطفال إلى 7.29 نقطة بين المراهقين، ما يعكس تراجعا في قدرة المجتمع على احتواء شبابه مع دخولهم مرحلة الاضطرابات العاطفية والاجتماعية.

مفارقات داخلية
التقرير بين أن أعلى درجات المؤشر جاءت في مجالات الانخراط البدني والمعرفي (8.02 نقطة) والترابط الاجتماعي (7.74 نقطة)، بينما جاء الشعور بالغاية (7.63 نقطة) والرعاية الذاتية (7.79 نقطة) بمعدلات أقل.

المفارقة أن الشباب المغربي يشعر بوجود شبكة دعم اجتماعي قوية، حيث سجل بند "لدي أشخاص يهتمون بي" أعلى معدل (8.68 نقطة)، في مقابل تدني معدلات الإلهام والطموح الجماعي، إذ لم يتجاوز معدل السعي لتقليد القدوات (7.07 نقطة)، والانخراط في أنشطة نفعية للمجتمع (6.83 نقطة)، وقضاء وقت في الطبيعة (6.98 نقطة).

فجوة جندرية مقلقة
وسجل التقرير تباينات بين الذكور والإناث، أبرزها أن الفتيات أظهرن استعداداً أكبر للتعبير عن مشاعرهن وللانخراط في أنشطة إبداعية، في حين أبدى الذكور ضعفاً ملحوظاً في التحدث عن أزماتهم العاطفية أو التعبير عن احتياجاتهم النفسية.

هذه الفوارق تعزز دعوات الخبراء إلى صياغة سياسات تربوية واجتماعية تأخذ بعين الاعتبار الفروق الجندرية والثقافية، بدل تبني مقاربات موحدة تتجاهل تعقيدات الواقع المغربي.

المغرب في نادي الخطر
ووضع المؤشر المغرب ضمن مجموعة "الدول الهشة"، إلى جانب الهند وكينيا وأوكرانيا، مشيرا إلى أن الضغوط الاقتصادية والاجتماعية العميقة تؤثر سلبا على معنويات الشباب في هذه البلدان.

وحذر معدو التقرير من خطورة إسقاط المقارنات السطحية بين الدول دون مراعاة الفوارق الثقافية والاجتماعية، مؤكدين أن تفسير النتائج يتطلب فهما دقيقا للسياقات المحلية.
وفي بلدان كالمغرب والجزائر، تلعب الأنشطة الدينية والثقافية أدوارا رئيسية في تعزيز الإحساس بالمعنى، بعكس دول أخرى مثل بيرو حيث تكتسي هذه الأنشطة طابعاً هامشيا.

دعوة إلى التحرك
ودق التقرير ناقوس الخطر داعيا إلى وضع سياسات شاملة ومتكاملة تركز على تعزيز الشعور بالمعنى والغاية والانتماء لدى الأطفال والمراهقين المغاربة.
ولفت المصدر إلى أن تحقيق ذلك لن يتم عبر حلول تقنية معزولة بل عبر رؤية متكاملة تعترف بأهمية الهوية الثقافية والدينية والاجتماعية للشباب المغربي، وتعزز انخراطهم الواعي في صناعة مستقبلهم.

 

آخر الأخبار