ملتمس الرقابة يعود إلى الواجهة.. هل المعارضة على بُعد خطوة من إسقاط الحكومة؟

الكاتب : انس شريد

02 مايو 2025 - 09:30
الخط :

عاد النقاش حول ملتمس الرقابة ليحتل صدارة المشهد السياسي المغربي، وسط مؤشرات قوية على نية قوى المعارضة تفعيل هذه الآلية الدستورية لإسقاط الحكومة، في ظل تصاعد الانتقادات الموجهة إلى الأداء التنفيذي، وتزايد الضغوط الاجتماعية المرتبطة بغلاء المعيشة، واقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

وأكد إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، يوم أمس الخميس، أن حزبه متمسك بتفعيل ملتمس الرقابة كخيار دستوري مشروع للرد على ما وصفه بـ"الجمود السياسي" الذي تعرفه البلاد، محمّلاً الحكومة مسؤولية تجاهل مطالب المواطنين وعدم التفاعل مع قضايا الغلاء وتقصي الحقائق المرتبطة به.

وفي كلمة له خلال فعالية نقابية نظمتها الفيدرالية الديمقراطية للشغل بمدينة الدار البيضاء، شدد لشكر على أن “المغرب سخفان سياسياً”، في تعبير لافت يعكس حدة موقفه من الوضع السياسي الراهن، مضيفاً: “البلاد في حاجة إلى حقنة سياسية، وملتمس الرقابة هو الأداة الأنسب لإنعاش الحوار وإحياء الحياة السياسية”.

وجاءت كلمة لشكر، التي حملت لهجة تصعيدية، في سياق تقارب ملموس بين فرق المعارضة الممثلة في الاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية، حيث كشفت مصادر برلمانية عن توصل هذه الأطراف إلى اتفاق شبه نهائي بشأن تفعيل الملتمس، بعد فشل محاولة سابقة خلال السنة الماضية نتيجة تباين المواقف داخل المعارضة نفسها.

وتفيد المعطيات بأن هذه المرة، اقتربت فرق المعارضة من أي وقت مضى لبدء المسطرة الدستورية لتقديم ملتمس الرقابة، وفق مقتضيات الفصل 105 من الدستور والمادة 252 من النظام الداخلي لمجلس النواب.

ويشترط الفصل 105 من الدستور المغربي أن يُوقَّع الملتمس من قِبل خُمس أعضاء مجلس النواب، ولا يُصادق عليه إلا بتصويت الأغلبية المطلقة، ما يجعل التحدي الأساسي أمام المعارضة هو ضمان الانسجام العددي والسياسي اللازم لنجاح المبادرة.

ووفق المادة 252، يُقدَّم الملتمس في شكل مذكرة مفصلة لرئيس المجلس، مرفقة بلائحة بأسماء وتوقيعات النواب الموقعين عليه، مع نشره رسمياً في محاضر المجلس ونشرته الداخلية وموقعه الإلكتروني.

في المقابل، لم تعلن بعد المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية موقفها النهائي من الانخراط في هذه الخطوة، وهو ما يجعل موقعها حاسماً في تحديد مآل الملتمس.

وسبق أن اعتبر نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، خلال ندوة سياسية بالدار البيضاء، أن اللحظة السياسية تتيح للمعارضة إمكانية استعادة زمام المبادرة وتفعيل دور البرلمان كفضاء للرقابة والمساءلة.

وأوضح أن عدم نجاح المحاولة السابقة لا يعني التراجع، بل العكس، قد يمثل إعادة المحاولة فرصة لإحياء النقاش العمومي وتعزيز دور المؤسسة التشريعية في المشهد السياسي، عبر تنزيل ملتمس الرقابة.

ورغم الزخم الذي بدأ يتشكل حول هذه المبادرة، فإن بعض الأصوات داخل المشهد السياسي تُبدي تحفظها، معتبرة أن توقيت الملتمس قد لا يكون ملائماً، في ظل استعدادات المملكة لتنظيم عدد من التظاهرات الكبرى، أبرزها كأس العالم 2030، ما قد يُفهم منه أنه تهديد للاستقرار المؤسساتي.

غير أن لشكر رد على هذا الطرح بحدة، قائلاً: “نحن من نملك الغيرة على هذا الوطن، وإنعاش الحياة السياسية هو الذي يعزز مناعة الدولة، وليس العكس”.

في ظل هذه المعطيات، تتجه الأنظار إلى قبة البرلمان في انتظار ما إذا كانت المعارضة ستترجم نواياها إلى خطوة عملية، قد تعيد ترتيب الأوراق داخل المؤسسة التشريعية، وتفتح الباب أمام مرحلة سياسية جديدة عنوانها الوضوح والمساءلة.

آخر الأخبار