أشكال الاحتجاج الإعلامي

الكاتب : الجريدة24

03 مايو 2025 - 03:00
الخط :

عائشة بوزرار- باحثة في الإعلام

حول العلاقة بين الإعلام والمشاركة المدنية في السياقات الاجتماعية المعاصرة، يدور الحديث في الفصل الثاني من  كتاب "إعلام المواطن والفضاءات العامة:

تعبيرات متنوّعة عن المواطنة والمعارضة"، في مقالة  حول كيفية   تنظيم الاحتجاجات الصغيرة واستخدامها كوسيلة إعلامية للتعبير عن القضايا الاجتماعية والسياسية،

حيث يناقش الكاتبان كيف يمكن للحركات الاحتجاجية الحديثة أن تُفهم من خلال مفاهيم المسرح والإيماء ، معتبرين أن الإيماءات الاحتجاجية ليست مجرد تعبيرات رمزية، بل أدوات سياسية قوية تُسهم في بناء أشكال جديدة من المواطنة.

الأمر الذي يتيح جذب الانتباه والتواصل مع الجمهور، ويسهم في إيصال الرسائل بشكل مؤثر ويعزز من الوعي بالقضايا الاجتماعية والثقافية المختلفة، وذلك من خلال ثلاث فئات رئيسية تتداخل فيما بينها:

أولاً، الإيماءات التي تستفيد من الشكل البشري للاعتراض على سياسات الاستثناء؛

ثانياً، الإيماءات المنزلية التي تفتح آفاقًا اجتماعية؛ وثالثاً، الإيماءات البيئية التي تخلق أماكن مشتركة للتعايش مع الكائنات غير البشرية.

من المهم التأكيد أننا لا ندعي أي فعالية خاصة للإيماءات أو المسرح من الناحية السياسية، وهذه الفئات الثلاث لا تمثل نظرة شاملة على الأشكال الاحتجاجية المختلفة.

الهدف هنا، هو التأكيد على أهمية الإيماءة والمسرحية في مناقشات وسائل الإعلام المدنية، باعتبارها وسائل لفهم وممارسة المواطنة.

كما أننا نواجه الميل إلى تجاهل الإيماءات المسرحية بسبب اعتبارها زخرفية أو فارغة، أو اعتبار المسرح مجرد ترفيه، ونرفض الثنائيات غير المفيدة بين الحقيقي وغير الحقيقي.

إيماءات مثل الوقوف، رفع الأيدي، التنظيف، تزيين محطات الحافلات، حمل الوشم، رش الطلاء والإشارة إلى الماء، جميعها تخلق نوعًا من الاضطراب وتجعل المكان مشتركًا.

هذه الإيماءات تحمل إمكانيات لتمثيل وتجربة الحياة في العلاقة، مما يعزز مكانتها كإسهامات فعالة في حركات الاحتجاج عبر الزمن، وهذه الأمثلة توضح كيف يمكن استخدام الفن والتكنولوجيا لتعزيز الوعي الاجتماعي وتحفيز العمل الجماعي:

الاعتصامات الافتراضية:

تنظيم اعتصامات عبر الإنترنت حيث يشارك الأشخاص من مختلف أنحاء العالم في احتجاجات رقمية، مثل "احتلال وول ستريت" الافتراضي؛

مسرحيات التفاعل الاجتماعي:

استخدام منصات مثل فيسبوك وتويتر لخلق تجارب تفاعلية حيث يمكن للجمهور المشاركة في السرد أو اتخاذ قرارات تؤثر على مجريات الأحداث؛

الأداء في الفضاء العام:

مثل أداء "الإنسان الواقف" في تركيا، حيث يظل المتظاهرون واقفين في الساحات العمومية كفعل احتجاجي صامت؛

تطبيقات الهواتف المحمولة:

مثل "الأداة العابرة للحدود" التي تساعد المهاجرين عبر الحدود، حيث تجمع بين التكنولوجيا والفن لتقديم الدعم للمحتاجين؛

الوسائط المختلطة:

استخدام الفيديو والتصوير الفوتوغرافي والتقنيات الرقمية لإنتاج أعمال فنية تعبر عن القضايا الاجتماعية والسياسية، مثل أعمال الفنانين الذين يستجيبون للأزمات الإنسانية.

ويمكن تعزيز تأثير الإيماءات الاحتجاجية من خلال تنظيم فعاليات مدروسة تضمن مشاركة جماهيرية واسعة، مع وضوح أهداف الرسالة لضمان فعالية التوصيل، واستخدام وسائل الإعلام الاجتماعية والتقليدية لنشر الوعي،

إلى جانب التعاون مع منظمات غير حكومية،  وهو ما يعزز من نطاق التأثير. لذلك يجب أن تشمل الاستراتيجيات تنوعًا في الأساليب، مثل الفنون والمسرح، لجذب جمهور أوسع

مع توفير دعم قانوني لحماية المحتجين، والاستمرار في تنظيم الإيماءات مما يضمن ضغطًا دائمًا على المعنيين، ويزيد من فرص إحداث تغييرات فعلية ،من خلال :

التنظيم الجيد، وذلك إنشاء تحالفات وتنظيم فعاليات بشكل مدروس يضمن مشاركة عدد كبير من الناس، مما يزيد من الوعي والتأثير.

وضوح الرسالة، بتحديد أهداف واضحة ومحددة للإيماءات يساعد في توصيل الرسالة بفعالية أكبر للجمهور والسلطات.

التواصل الفعال، عبر استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية ووسائل الإعلام التقليدية لنشر الرسالة وزيادة الوعي بالاحتجاجات، مما يجذب انتباها أكبر.

الاستمرارية، تنظيم سلسلة من الإيماءات الاحتجاجية بدلاً من حدث واحد فقط يضمن استمرار الزخم وزيادة الضغط على المعنيين.

التعاون مع المنظمات الأخرى، عن طريق الشراكة مع منظمات غير حكومية أو جماعات مدنية يمكن أن يوسع نطاق التأثير ويعزز الموارد.

التنوع في الأساليب، باستخدام مجموعة متنوعة من الأساليب الاحتجاجية، مثل الفنون، المسرح، والوسائط المتعددة، لجذب جمهور أوسع وزيادة التأثير.

التفاعل مع الجمهور، بإشراكه في الإيماءات الاحتجاجية، مثل تنظيم ورش عمل أو جلسات حوارية، يعزز من الشعور بالانتماء والدعم.

توفير الدعم القانوني، للتأكد من وجود حماية قانونية للمحتجين يساعد في تعزيز قدرتهم على التعبير عن آرائهم دون خوف من القمع.

تأسيسا على ما سبق، فإن استخدام هذه الاستراتيجيات، يمكن أن تصبح الإيماءات الاحتجاجية أكثر فعالية وقادرة على إحداث تأثير ملموس في المجتمع والسياسة.

وهو ما تعبر عن هذه المقالة التي تربط بين الأداء الفني والفضاء السياسي، وتُظهر كيف أن الإيماءات الجسدية في الاحتجاجات يمكن أن تكون بمثابة وسيلة للتعبير السياسي الجماعي ومصدرًا لتشكيل مواطنة ناشطة، خاصة في زمن يُجرّد فيه كثيرون من حقوقهم وفضائهم المدني.

آخر الأخبار