الأغلبية الحكومية تفتح النار على بنكيران بعد "خطاب الشتائم"

عاد التوتر ليخيّم على المشهد السياسي المغربي بعد التصريحات المثيرة التي أطلقها عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، خلال خطابه بمناسبة فاتح ماي، والتي أثارت ردود فعل غاضبة على مستويات متعددة.
الكلمات التي استعملها بنكيران، من قبيل "الحمير" و"الميكروبات"، في وصفه لمواطنين مغاربة يرفعون شعار "تازة قبل غزة"، فجّرت موجة استياء واسعة واعتُبرت انتكاسة للياقة الخطابية وسابقة خطيرة في الخطاب السياسي المعاصر.
ولم يتوقف الخطاب المثير للجدل، عند الشارع بل امتد إلى قبة السياسة، حيث تلقى ردوداً مباشرة وغير مباشرة من مختلف ألوان الطيف الحكومي.
ففي خطوة بدت محسوبة، اختار رئيس الحكومة عزيز أخنوش الردّ بشكل غير تقليدي خلال لقاء تواصلي بمدينة الداخلة، حيث تحدّث عن "العمل في الميدان" بديلاً عن "التهييج والتجريح"، مؤكداً أن المواطن المغربي بات يُدرك من يشتغل ومن يكتفي بالخطابات الشعبوية.
أخنوش أشار إلى أن من يطلق الشتائم اليوم هم ذاتهم من فشلوا في الاستجابة لتطلعات الشعب عندما كانوا في مواقع المسؤولية، مؤكداً أن السياسة ليست شعارات أو استعراضاً بل التزام ومحاسبة.
التصعيد لم يقتصر على رئيس الحكومة، بل امتد إلى قيادات من الأغلبية البرلمانية، إذ وصفت نادية بوزندفة، النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، تصريحات بنكيران بأنها تمثل "سقوطاً أخلاقياً مدوياً" وتجلياً لعجز فكري صارخ، معتبرة أن من يلجأ إلى الشتم يعاني من أزمة أخلاقية لا تخفى.
وأكدت بوزندفة في تدوينة لها عبر صفحتها على الفيسبوك أن بنكيران لا يحق له المساس بكرامة المغاربة الذين يخاطبهم ملك البلاد بـ"شعبي العزيز"، وأنه لم يكن في يوم من الأيام في خدمتهم بقدر ما استغلهم لصناعة مجده الشخصي، الذي انهار في لحظة حاسمة.
من جانبه، اعتبر محمد الأمين حرمة الله، المنسق الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار، أن ما صدر عن بنكيران لا يخدم المصالح العليا للمغرب، خصوصاً في ما يتعلق بعلاقات المملكة بدول داعمة للوحدة الترابية.
وأكد أن هذه المواقف تؤدي إلى توتر غير مبرر، مضيفاً أن الحكومة الحالية حققت في سنوات معدودة ما لم تحققه حكومات سابقة في ولايتين، لذا وجب عليه الإبتعاد عن السياسة.
وشهد الرد على بنكيران زخماً داخل حزب الأحرار، إذ اعتبر لحسن السعدي، عضو المكتب السياسي للحزب، أن المرحلة التي قاد فيها بنكيران الحكومة كانت دليلاً على الفشل، مبرزاً أن حزبه تبنّى نموذجاً يقوم على احترام القيم السياسية وتحقيق التزامات واضحة على أرض الواقع.
ولفت السعدي خلال لقاء حزبي إلى أن إنجازات الحكومة تشمل برامج اجتماعية رائدة مثل الدعم المباشر والتعليم المجاني، والتي تسير في انسجام تام مع التوجيهات الملكية الرامية إلى بناء دولة اجتماعية عادلة، بعيدا عن الشتائم التي لن تسير بالمغرب إلى الأمام.
وفي خضم هذه التفاعلات، برزت تدوينة لافتة للوزيرة السابقة نزهة الوافي، عبرت فيها عن امتعاضها مما سمّته "التهكم على رئيس دولة تجمعه بالمغرب شراكة استراتيجية"، مؤكدة أن الدفاع عن القضية الفلسطينية لا يبرر تجاوز الأعراف الدبلوماسية أو الإساءة إلى رموز دول شريكة.
وأشارت إلى أن مثل هذه التصريحات تُضعف الموقف المغربي دولياً وتفتح جبهات لا تخدم المصالح العليا للوطن، داعية إلى خطاب مسؤول يراعي دقة المرحلة الإقليمية والدولية.