الدار البيضاء تتحرك لإنهاء فوضى ركن السيارات.. دفتر تحملات جديد ينتظر التصويت

في خطوة تروم إنهاء حالة الفوضى التي تخيم على مواقف السيارات بالعاصمة الاقتصادية، يستعد مجلس جماعة الدار البيضاء، خلال دورته العادية المقررة الأربعاء المقبل، لمناقشة والتصويت على مشروع دفتر التحملات الجديد الخاص بتنظيم استغلال الملك العام الجماعي لحراسة السيارات والدراجات، في تحول قد يشكل نقطة فاصلة في تدبير هذا القطاع الحيوي والمثير للجدل.
ويندرج المشروع، الذي وضعت عمدة المدينة نبيلة الرميلي لمساته الأخيرة عليه، ضمن خطة متكاملة لإعادة هيكلة مجال ركن السيارات الذي طالما وُصف بالعشوائية والتسيب، وسط تزايد شكاوى المواطنين من سلوكيات بعض الحراس، وتنامي مظاهر احتلال الفضاءات العامة دون ضوابط واضحة أو رقابة حقيقية.
ويراهن المجلس الجماعي على أن يشكل هذا الدفتر الجديد مرجعًا قانونيًا وتنظيميًا يُنهي حالة الفوضى، ويضمن شفافية أكبر في منح التراخيص ومراقبة استغلال الملك العمومي.
وتشير المعطيات المتوفرة للجريدة 24 إلى أن الجماعة تتجه إلى سحب هذا النشاط تدريجياً من الحراس التقليديين غير المرخصين، عبر إسناده لشركة أو شركات محلية مؤهلة، سيتم اختيارها بناء على طلب عروض مفتوح.
ويُنتظر أن تتولى هذه الشركة تدبير مواقف السيارات من خلال اعتماد عدادات إلكترونية وتنظيم شبكة الحراسة وفق معايير مضبوطة، ما من شأنه أن يحدث تحوّلاً عميقاً في طريقة تعاطي المواطنين مع ركن سياراتهم، ويوفر دخلاً قارا ومنظما للجماعة.
وتأتي هذه الخطوة عقب قرار سابق للمجلس الجماعي يقضي بتجميد منح وتجديد رخص حراسة السيارات، وهو القرار الذي أثار نقاشاً واسعاً بين مؤيدين يعتبرونه ضرورياً لوضع حد لعشوائية القطاع، ورافضين يرون فيه تهديداً اجتماعياً مباشراً لفئة واسعة من المواطنين الذين يمتهنون حراسة السيارات كمورد رزق وحيد.
وقد عبّر عدد من الحراس، مرارا، عن قلقهم من المصير المجهول الذي ينتظرهم، مشددين على ضرورة إشراكهم في النقاش حول مصير القطاع، وتفادي أي مقاربة إقصائية قد تؤدي إلى تشريد أسرهم.
من جانبها، سبق أن حذرت نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب من التداعيات الاجتماعية والاقتصادية للقرارات المرتقبة، مؤكدة أن غياب الإطار القانوني هو أحد أبرز أسباب تفاقم الإشكال، وليس العاملون في الميدان وحدهم.
ودعت النقابة إلى فتح قنوات الحوار مع السلطات المحلية وممثلي الشركات، وتوسيع النقاش ليشمل جميع المتدخلين في الملف، بمن فيهم الجمعيات المهنية والفاعلون المدنيون، من أجل بلورة تصور شامل ومتكامل يحقق التوازن بين التنظيم وحماية حقوق العاملين.
وأبرزت النقابة في بيانها ضرورة إدماج الحراس التقليديين في الصيغة الجديدة المنتظرة، سواء عبر التكوين والتأهيل المهني أو من خلال إشراكهم في الشركات المدبرة للقطاع، وذلك لضمان عدم إقصاء فئة واسعة من اليد العاملة التي تشتغل اليوم خارج أي تغطية اجتماعية أو قانونية.
كما شددت على أهمية مواكبة هذا التحول بإجراءات اجتماعية داعمة، تشمل تأميناً صحياً واجتماعياً، إضافة إلى برامج لإعادة الإدماج والتكوين المستمر.
في المقابل، ترى فئات واسعة من البيضاويين أن القطاع بلغ مرحلة لم يعد فيها مقبولاً ترك الأمور على حالها، وسط ما يشبه الفوضى المنظمة، التي حوّلت بعض الأزقة والشوارع إلى نقاط جباية عشوائية، يُفرض فيها الأداء على المواطنين دون سند قانوني، وأحيانًا تحت طائلة التهديد أو الإكراه.
ويأمل هؤلاء في أن يُسهم دفتر التحملات الجديد في استعادة النظام والشفافية، وضمان معاملة متساوية وعادلة للمواطنين داخل المدينة.
وفي ظل التوتر القائم بين المقاربة التنظيمية الجديدة ومخاوف العاملين في القطاع، تبدو جماعة الدار البيضاء أمام امتحان صعب يتطلب مقاربة متوازنة تراعي حساسية الظرف الاجتماعي والاقتصادي، دون أن تتنازل عن مبدأ إعادة النظام إلى الفضاء العام.