أوضاع عاملات الفراولة تثير الجدل تحت قبة البرلمان.. اتهامات بـ"التصدير دون كرامة"

أثارت النائبة البرلمانية سلوى الدمناتي عن الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، اليوم الإثنين، قضية شائكة تتعلق بأوضاع آلاف النساء المغربيات العاملات في حقول الفراولة بإسبانيا، في ظل ما وصفته بتكرار الشكاوى المرتبطة بالاستغلال المهني والمعاملة غير الإنسانية التي يتعرضن لها في بلدان الاستقبال.
وجاء ذلك من خلال سؤال شفوي وجهته إلى وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، يونس السكوري، مطالبة بإجابات واضحة عن الإجراءات الحكومية المتخذة لضمان كرامة وسلامة هذه الفئة الضعيفة من اليد العاملة المغربية بالخارج.
الدمناتي لم تخفِ امتعاضها مما اعتبرته "خطابًا حكوميًا منفصلًا عن الواقع"، مشيرة إلى أن الحكومة لا تكتفي بتصدير الموارد المائية المغربية على شكل فواكه، بل أصبحت تصدّر المواطنات أنفسهن عبر آليات توظيف موسمية لا توفر أدنى شروط الحماية القانونية أو الاجتماعية.
وتساءلت البرلمانية عن جدوى اتفاقيات المناولة الثنائية التي، بحسب قولها، لا تضمن حقوق العاملات ولا تحفظ كرامتهن، في وقت تُبدي فيه الدولة انزعاجها من هجرة الأدمغة واليد العاملة دون أن توفر بدائل حقيقية أو بيئة اقتصادية تحفظ الكرامة داخل الوطن.
وأكدت الدمناتي أن ما يناهز 15 ألف امرأة مغربية يشتغلن في حقول الفراولة بإسبانيا يعشن أوضاعًا صعبة، حيث تضطر العديد منهن إلى المبيت في خيام بلاستيكية تفتقر إلى أدنى شروط الصحة والسلامة، فضلًا عن تعرضهن، بحسب شهادات متكررة، لسوء المعاملة و"الحكرة" في ظل غياب أي آليات فعالة للمواكبة أو المراقبة من طرف الجهات الوصية.
ووصفت ما يجري بأنه نوع من "الهشاشة العابرة للحدود" التي تنقل النساء من فقر محلي إلى استغلال دولي، تحت غطاء رسمي لا يرصد حقيقة ما يجري في الميدان.
في المقابل، دافع وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، عن المجهودات المبذولة من طرف الحكومة في هذا الملف، مشيرًا إلى أن عدد العاملات المغربيات الموسميات في حقول الفراولة الإسبانية يشهد ارتفاعًا متواصلًا، حيث بلغ 15 ألف عاملة إلى حدود أبريل الماضي.
ونفى السكوري أن تكون هذه الفئة تعاني من "مشاكل بعينها"، مؤكدًا أن التحقيقات التي أجريت السنة الماضية بخصوص بعض الشكاوى أظهرت أنها "إشاعات غير صحيحة"، مبرزًا وجود تنسيق وثيق بين السلطات المغربية ونظيرتها الإسبانية لتأمين مواكبة شاملة لهذا البرنامج.
وأوضح الوزير أن من بين نتائج هذا التنسيق حلّ مشكل بطاقات الإقامة التي أصبحت تمتد إلى أربع سنوات، بعدما كانت تُجدد سنويًا، مما يخفف من التعقيدات الإدارية ويمنح العاملات استقرارًا قانونيًا نسبيًا.
كما أشار إلى أن الإشكاليات التي تم تسجيلها كانت محدودة، وشملت فقط حوالي 200 عاملة كانت لديهن مشاكل مع مقاولة إسبانية، وقد تدخلت الوزارة بشكل فوري بالتعاون مع الطرف الإسباني لمعالجة الوضع.
ورغم التطمينات الحكومية، لا تزال الفجوة واضحة بين المعطيات الرسمية وشهادات العاملات الميدانية، ما يعكس استمرار التباين في تقييم الوضع بين السلطة التنفيذية والمعارضة البرلمانية.
وبينما تصرّ الحكومة على أن الأمور تحت السيطرة ويتم تدبيرها وفق اتفاقيات واضحة، تشدد النائبة الدمناتي على أن الاستماع إلى أصوات العاملات أنفسهن كفيل بكشف واقع مغاير لا تلتقطه عدسات الخطابات الرسمية ولا تقارير التنسيق الثنائي.
قضية العاملات الموسميات بالخارج تطرح تساؤلات جوهرية عن كلفة التصدير البشري في سياق اقتصادي هش، وعن مدى التوازن في العقود الثنائية التي تجمع المغرب بدول الاستقبال.
كما تعيد إلى الواجهة الحاجة إلى مراجعة شاملة للسياسات المرتبطة بالتشغيل الخارجي، تضع في صلب أولوياتها الكرامة الإنسانية، والحماية الاجتماعية، وحق العاملات في بيئة عمل آمنة وعادلة، سواء داخل الوطن أو خارجه.