20 ألف منصب شغل لا تُقنع المعارضة.. مشروع سيدي عثمان تحت نيران الانتقادات

الكاتب : انس شريد

08 مايو 2025 - 09:30
الخط :

في خطوة وُصفت بالتحوّل العمراني والاقتصادي الكبير، أطلقت جماعة الدار البيضاء بشراكة مع صندوق الإيداع والتدبير مشروعاً ضخماً يحمل اسم “كازابلانكا تك فالي”، سيتم إنشاؤه فوق قطعة أرضية جماعية بمنطقة سيدي عثمان، ويهدف إلى إحداث قطب تكنولوجي حديث يربط بين الابتكار والتنمية المستدامة.

غير أن المشروع، رغم ما يعد به من مناصب شغل ومردودية اقتصادية، أثار جدلاً واسعاً داخل أروقة مجلس المدينة، بسبب طريقة تفويته وشبهات غياب الحكامة في تدبيره.

ويقضي الاتفاق الموقع بين الجماعة والصندوق، بكراء الأرض بثمن لا يتجاوز 70 درهماً للمتر المربع سنوياً، وهو ما اعتبره عضو فريق العدالة والتنمية المعارض بمجلس المدينة، مصطفى الحيا، هدراً صريحاً لقيمة عقارية تُعد من الأهم على مستوى المدينة.

وكان النائب مصطفى الحيا، عن فريق العدالة والتنمية، من أبرز الأصوات المنتقدة خلال الدورة العادية للمجلس لشهر ماي الجاري، معتبراً أن الأمر لا يتعلق فقط بصفقة مشبوهة، بل بـ"وصمة عار" على جبين مجلس المدينة، على حد تعبيره.

وأكد الحيا أن المشروع، بصيغته الحالية، يُجسد نموذجاً صارخاً لـ"الحگرة" في حق الساكنة والمرافق العمومية، خصوصاً وأن الأرض المعنية تضم مرافق حيوية كانت تخدم فئات عريضة من المواطنين مثل “مارشي كريو” وسوق السمك والبطوار، التي سيتم هدمها ضمن خطة إعادة التهيئة.

من جهتها، ترى العمدة نبيلة الرميلي، التي أشرفت على توقيع الاتفاق رفقة المدير العام لصندوق الإيداع والتدبير خالد سفير، أن المشروع يشكل نقطة تحول نوعية في المسار التنموي للمدينة، ويأتي ضمن رؤية متكاملة لجعل الدار البيضاء قطباً تكنولوجياً متقدماً على مستوى القارة الإفريقية.

واعتبر بلاغ رسمي صادر عن الجماعة أن “كازابلانكا تك فالي” سيمثل امتداداً استراتيجياً لمنطقة “كازانيرشور”، مع التركيز على خلق بيئة عمل متطورة تستقطب كبريات الشركات العالمية، وتسهم في تحفيز الاقتصاد الرقمي وتوفير أكثر من 20 ألف فرصة عمل مباشرة.

ورغم هذا الطرح، فإن أصواتاً داخل المجلس ترى أن مقاربة المجلس لا تتماشى مع مبادئ الشفافية والعدالة المجالية، حيث أشار معارضون إلى أن المشروع تم تفويته بسرعة وفي غياب نقاش عمومي حقيقي، ما يطرح علامات استفهام حول غياب التوازن بين الربح الاستثماري وضمان حقوق الساكنة المحلية التي ستفقد مرافق اجتماعية كانت تخدمها يومياً.

ويقع المشروع على تراب عمالة مولاي رشيد، وتحديداً داخل مقاطعة سيدي عثمان، وهي منطقة تُصنف ضمن الأحياء التي ظلت لسنوات على هامش الدينامية الاقتصادية الكبرى التي تشهدها البيضاء. وتسعى الجماعة، وفقاً لما جاء في البلاغ الرسمي، إلى استغلال هذا المشروع كوسيلة لإعادة توزيع التنمية وإنعاش مناطق ظلت بعيدة عن الاستثمار العمومي والخاص، مع احترام ضوابط التهيئة الحديثة والمعايير البيئية.

وبينما يروج المجلس لمكاسب المشروع من حيث فرص الشغل والتنمية المندمجة، فإن بعض الفاعلين يعتبرون أن المقاربة التي تم اعتمادها في تفويت الأرض لا تخلو من اختلالات في التدبير العقاري وتغيب عنها الرؤية التشاركية.

ويخشى معارضو المشروع أن يتحوّل إلى مجال مغلق يُكرّس منطق الريع الاقتصادي، بدلاً من أن يكون رافعة للعدالة المجالية والاجتماعية.

وفي ظل هذا التباين في المواقف، يظل المشروع محط أنظار الفاعلين السياسيين والمدنيين والاقتصاديين، وسط دعوات لتوفير شروط الشفافية، وإعادة النظر في طريقة تدبير الأملاك الجماعية، بما يضمن تحقيق التنمية دون تفريط في حقوق المدينة وساكنتها.

آخر الأخبار