الناصري: لا مكالمة واحدة تثبت علاقتي بالتهريب.. والبارون المالي يستهدف أمن المغرب

في تطور لافت لقضية تُعد من أخطر ملفات الجريمة المنظمة بالمغرب، فجّر سعيد الناصري، الرئيس السابق لنادي الوداد البيضاوي والقيادي السابق بحزب الأصالة والمعاصرة، تصريحات مثيرة أمام محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، ضمن أطوار محاكمة ما يُعرف إعلاميًا بملف "إسكوبار الصحراء".
وخلال الجلسة التي انعقدت يوم الجمعة، نفى الناصري علاقته بشبكة الاتجار الدولي في المخدرات، التي تضم أكثر من 28 متهمًا، مؤكدًا أن الاتهامات الموجهة إليه ترمي إلى تشويه سمعة الأجهزة الأمنية والعسكرية المغربية.
وأمام الهيئة القضائية التي يرأسها القاضي علي الطرشي، أكد الناصري أن ما نُسب إليه من أدوار ضمن الشبكة، كمسؤول عن العلاقات العامة واللوجستيك، لا أساس له من الصحة، معتبرًا أن المتهم الرئيسي في الملف، المالي أحمد بن إبراهيم، يسعى من خلال تصريحاته إلى المساس بمؤسسات البلاد، وليس بشخصه فقط.
وأضاف أن هذه الاتهامات الخطيرة، التي تتحدث عن صلاته بقيادات أمنية وعسكرية لتسهيل عمليات تهريب المخدرات، تمثل تهديدًا مباشراً لصورة المغرب دوليًا، ومساسًا بثقة المواطنين في مؤسساتهم.
وتحدى الناصري، حسب ما كشف عنه مبارك المسكيني، محام بهيئة الدار البيضاء، في تصريحات صحفية، المتهم المالي بأن يُثبت ولو مكالمة واحدة بينه وبين أي عنصر أمني تدعم هذه الادعاءات، مشددًا على أن التحقيقات لم تفضِ إلى أي دليل ملموس أو وثيقة رسمية تدينُه، وهو ما اعتبره دليلًا على فراغ الملف من حيث الأدلة التقنية.
كما شدد على أن تصريحات المتهمين لا تعدو أن تكون محاولات لتصفية حسابات شخصية، أو السعي لتخفيف العقوبات المحتملة من خلال جرّ أسماء ثقيلة إلى الملف.
وفي رده على التهم المرتبطة بمعاملات مالية ومقايضات عقارية، قدّم الناصري روايته بخصوص سيارة مرسيدس فاخرة، تعود لسنة 2014، قال إنه اقتناها من شركة مغربية، ثم أعاد بيعها للمتهم المالي في إطار مقايضة مقابل شقتين بمدينة السعيدية.
وأضاف أن "إسكوبار الصحراء" ادعى لاحقًا أن السيارة كانت في ملكيته، رغم أن الوثائق التي أبرزها الناصري، من ضمنها البطاقة الرمادية وورقة الجمارك، تُثبت أنها دخلت المغرب بتاريخ 26 دجنبر 2014، مما ينفي إمكانية استخدامها في وقت سابق كما صرحت بعض الأطراف.
وأوضح الناصري أن العلاقة التي جمعته بالمتهم المالي بدأت حين قدم الأخير نفسه على أنه مستشار لرئيس دولة مالي، وكان يحضر اجتماعات إلى جانب السفير المالي في الرباط، مضيفًا أن هذا التعارف تم في سياق الزيارات الرسمية التي قام بها الملك محمد السادس إلى باماكو، حيث طلب منه المتهم مساعدته في إيجاد شقة للإقامة.
وفي معرض حديثه عن ممتلكات أخرى، رد الناصري على اتهامات تتعلق بشقة بمدينة المحمدية، قائلاً إنها ما تزال في طور البناء، ولم تُسجل باسمه بعد، مشيرًا إلى غياب الماء والكهرباء داخلها، ما يفند، حسب قوله، المزاعم التي تتحدث عن استغلاله لها أو التلاعب في ملكيتها.
كما أعرب عن استغرابه من تناقض تصريحات بعض الشهود، من ضمنهم برلمانيون سابقون، واعتبر أن تكرار هذه المزاعم في أكثر من مناسبة، دون أدلة دامغة، يؤكد أنها أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع.
المحكمة، من جهتها، تفاعلت مع مرافعة الناصري، حيث طالبت النيابة العامة، عبر نائب الوكيل العام للملك، بعدم السماح له بالخروج عن إطار الأسئلة المطروحة، في محاولة لإبقاء الجلسة ضمن المسار القانوني المحدد.
وفي ختام الجلسة، قررت الهيئة تأجيل النظر في الملف إلى يوم الجمعة المقبل، لمواصلة استجواب سعيد الناصري، وسط اهتمام واسع من الرأي العام الوطني، الذي يتابع فصول قضية تتشابك فيها خيوط السياسة والمال والجريمة العابرة للحدود.
ويُعد ملف "إسكوبار الصحراء" أحد أكبر القضايا الجنائية المعروضة أمام القضاء المغربي، بالنظر إلى حجم التهم الموجهة، وثقل الأسماء المتورطة، والتي تشمل مسؤولين سابقين، برلمانيين، رجال أعمال، ووسطاء عقاريين، ضمن شبكة متهمة بالاتجار الدولي في المخدرات، تبييض الأموال، واستغلال النفوذ.