هذه خطة الدار البيضاء لإنهاء فوضى الباعة الجائلين

أطلقت جماعة الدار البيضاء، بشراكة مع عدد من المؤسسات المنتخبة والسلطات المحلية، خطة شاملة تهدف إلى تنظيم تجارة الباعة الجائلين، التي أصبحت تؤرق سكان العاصمة الاقتصادية وتؤثر سلبًا على حركة المرور وجمالية الفضاءات العمومية.
وتعتمد هذه الخطة على إحداث وتجهيز أسواق جديدة، وتأهيل الفضاءات التجارية القائمة، إلى جانب تكثيف المراقبة الميدانية وتحرير الملك العمومي من مظاهر التسيب والفوضى.
وتراهن الجهات المنتخبة على أن يُسهم هذا البرنامج في خلق بيئة تجارية منظمة وآمنة، تُراعي مصالح التجار والزبائن على حد سواء، وتضع حدًا للفوضى التي تتسبب فيها العربات العشوائية "الكرارس" و"الفراشة" المنتشرين في أزقة وشوارع المدينة.
كما تسعى إلى تحقيق توازن دقيق بين دعم الأنشطة التجارية غير المهيكلة والحفاظ على النظام العام، في إطار تصور متكامل يدمج البعد الاجتماعي والاقتصادي.
وجاءت هذه الخطوات الاستباقية في أعقاب مطالب متكررة من الفعاليات المدنية وسكان المدينة، الذين عبّروا عن استيائهم من تنامي الظاهرة، خاصة في المناطق الشعبية التي تعاني من احتلال الملك العمومي، مما يتسبب في اختناقات مرورية وتدهور جودة الحياة اليومية.
وفي هذا السياق، قررت جماعة الدار البيضاء تخصيص ميزانية مهمة لإحداث أسواق جديدة وتجهيزها بما يلزم من مرافق تليق بالممارسة التجارية. وتم رصد مبلغ 20 مليون درهم لبناء فضاء تجاري خاص ببائعي سوق إفريقيا في منطقة ابن مسيك، على أن تساهم الجماعة بمبلغ 8 ملايين درهم، فيما يوفّر مجلس جهة الدار البيضاء-سطات 12 مليون درهم المتبقية.
وبمقاطعة عين الشق، تشمل الخطة تأهيل سوق الخيام في إطار شراكة موسعة تضم الجماعة والجهة وعمالة ومقاطعة عين الشق، حيث عهد بتنفيذ المشروع لشركة التنمية المحلية "الدار البيضاء للتهيئة"، بكلفة إجمالية تصل إلى 20 مليون درهم.
كما ستشهد مقاطعة الفداء إنشاء سوق جديد بمنطقة بوجدور، وذلك في إطار اتفاقية شراكة بين جماعة الدار البيضاء ومجلس عمالة الدار البيضاء، مع الإشراف الفني والإداري لشركة "الدار البيضاء للتهيئة"، التي أوكلت إليها أيضًا مهمة متابعة المشروع المزمع إنجازه بحي مولاي رشيد، حيث تمت المصادقة على اتفاقية خاصة بإحداث سوق في المجموعة 2 التابعة لتراب المقاطعة.
وتهدف هذه المشاريع إلى توفير فضاءات تجارية بديلة ومنظمة لفائدة الباعة الجائلين، الذين يشغلون مساحات كبيرة من الأرصفة والشوارع، مما يؤثر على انسيابية المرور وراحة السكان.
وتغطي هذه الفضاءات عدة مناطق حيوية تعرف كثافة سكانية وتجارية عالية، وقد روعي في تصميمها توفير ظروف عمل ملائمة تحفظ كرامة التاجر وتحترم حقوق المارة.
في سياق متصل، كثّفت جماعة الدار البيضاء من تحركاتها الميدانية، حيث جندت عمدة المدينة، نبيلة الرميلي، عناصر الشرطة الإدارية بمختلف المقاطعات، لمحاربة ظاهرة احتلال الملك العمومي، والتدخل بشكل فوري لمعالجة الشكايات التي يرفعها المواطنون بشكل يومي، خاصة في الأحياء الشعبية.
وأكدت الرميلي على ضرورة التفاعل السريع والفعّال مع نداءات المواطنين، مشددة على أن استعادة النظام في الفضاء العام مسؤولية جماعية تقتضي انخراطًا مؤسساتيًا ومجتمعيًا جادًا، موازاةً مع المجهودات الرامية إلى إدماج القطاع غير المهيكل في الدورة الاقتصادية بشكل منظم.
وتأمل سلطات المدينة في أن تُحدث هذه الخطوات المتقدمة تغييرًا ملموسًا في الفضاء الحضري للعاصمة الاقتصادية، خصوصًا في ظل ما تعرفه العديد من الأحياء من توسع غير منظم لتجارة "الفراشة"، وما يرافق ذلك من ضجيج وفوضى يومية تؤثر سلبًا على الساكنة والمشهد العام.