هل تتجه بريطانيا لإطلاق أكبر مشروع ربط كهربائي مع المغرب دون دعم حكومي؟

يشهد العالم سباقًا متسارعًا نحو تبنّي مصادر الطاقة المتجددة، وفي قلب هذا التحول الاستراتيجي يبرز المغرب كلاعب محوري، من خلال مشاريع ضخمة تعكس طموحاته في أن يصبح مزودًا رئيسيًا للطاقة النظيفة نحو أوروبا.
ويأتي على رأس هذه المبادرات مشروع الربط الكهربائي البحري بين المغرب والمملكة المتحدة، الذي تنفذه شركة "إكس لينكس"، والممتد على مسافة تقارب 4000 كيلومتر، كأحد أكثر المشاريع طموحًا في تاريخ التعاون الطاقي بين القارتين.
هذا المشروع، الذي يُرتقب أن يزوّد نحو 7 ملايين منزل بريطاني بالطاقة الخضراء، يمثل ما يعادل 8% من إجمالي الاستهلاك الكهربائي في المملكة المتحدة، ويقوم على نقل الكهرباء المولّدة من الطاقة الشمسية والريحية في الجنوب المغربي، عبر كابل بحري إلى سواحل ديفون جنوب غرب بريطانيا.
ويعد المشروع أيضًا رافعة تنموية مهمة للمغرب، حيث يُتوقع أن يخلق حوالي 12 ألف فرصة عمل مؤقتة خلال مرحلة البناء، فضلاً عن فرص تشغيل دائمة بعد إطلاقه.
ورغم الإمكانات الكبيرة التي يعد بها هذا الربط، فإن نجاحه يبقى رهينًا بالحصول على دعم حكومي بريطاني، حيث تعتمد "إكس لينكس" على آلية "عقد الفروقات" لتأمين تمويل طويل الأمد يضمن الجدوى الاقتصادية للمشروع.
وفي هذا السياق، يبرز تحدٍّ سياسي واقتصادي أمام الحكومة البريطانية بشأن مدى استعدادها لتقديم هذا الدعم في ظل تقلبات سوق الطاقة والضغوط المالية الراهنة.
لكن دينامية الربط الكهربائي لم تقتصر على مشروع "إكس لينكس"، وكشفت صحيفة The Telegraph البريطانية أن رجل الأعمال الأسترالي أندرو فورست، المعروف بلقب "تويجي" ومؤسس مجموعة "فورتيسكيو" العملاقة، دخل بدوره على خط السباق نحو ربط شمال إفريقيا بأوروبا.
وبحسب الصحيفة، يقترح فورست مشروعا منافسا يهدف إلى نقل الكهرباء من المغرب إلى المملكة المتحدة عبر كابل بحري، دون أي اعتماد على الدعم الحكومي.
ويقوم المشروع المقترح على إنشاء قدرة إنتاجية ضخمة تصل إلى 100 جيغاواط من الطاقة الشمسية في شمال إفريقيا، ونقل ما يصل إلى 500 تيراواط/ساعة سنويا من الكهرباء إلى أوروبا، وهو ما يعادل تقريبًا الاستهلاك السنوي الكامل لألمانيا.
ويُبنى هذا الربط على أساس كابلات بحرية متعددة، مدعومة بأنظمة تخزين ومحطات هيدروجين، ما يضمن استقرارًا في إمدادات الكهرباء على مدار الساعة.
وأكد فورست، في تصريحاته لصحيفة The Telegraph، أن المشروع لا يحتاج إلى أي دعم مالي حكومي، وإنما إلى التزام بسيط من الحكومة البريطانية بشراء الكهرباء بأسعار السوق، مشددًا على أن المبادرة ستوفر طاقة ثابتة وموثوقة تفي باحتياجات السوق الأوروبية والبريطانية، كما تخدم أهدافه الصناعية الخاصة المرتبطة بالتحول الطاقي.
ويشير دخول فورست على الخط، حسب التقرير الصحفي، إلى تزايد اهتمام المستثمرين العالميين بالإمكانات الشمسية الهائلة التي يزخر بها المغرب، وإلى تنامي التنافس الدولي حول موقعه الجيوطاقي.