هل تتجه الحكومة إلى كبح جماح أسعار الكراء المرتفعة؟

يشهد قطاع الكراء السكني في المغرب اضطراباً متصاعداً، بعدما أصبحت أسعار الإيجارات ترهق كاهل شريحة واسعة من المواطنين، خصوصاً في المدن الكبرى كالدار البيضاء والرباط.
وتسببت الطفرة غير المنضبطة في سومة الكراء، التي باتت تتراوح ما بين 1800 درهم وتفوق في بعض الأحيان 5000 درهم، في تراجع خطير للقدرة الشرائية لدى فئات عديدة، وسط غياب آليات تنظيمية واضحة تحكم العلاقة بين المالك والمكتري، وتُحد من تغوّل السوق.
وفيما تتوالى الشكايات والصرخات على مواقع التواصل الاجتماعي مطالبة الحكومة بالتدخل الفوري لحماية المستأجرين من هذا النزيف المالي المتزايد، خرجت الحكومة عن صمتها، عبر إعلان جديد قد يُمهّد الطريق لتغيّر في المقاربة.
ففي جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، الاثنين 12 ماي 2025، كشف كاتب الدولة المكلف بالإسكان، أديب بن إبراهيم، عن قرب انتهاء وزارة التعمير من إعداد دراسة وُصفت بالمفصلية، تتناول إشكالية ارتفاع سومة الكراء وتسعى إلى بلورة حلول واقعية لاحتواء الأزمة، من خلال تصور مبتكر يربط بين كراء السكن وتمليك العقار مستقبلاً، مع إقحام مؤسسات عمومية جهوية في قلب العملية.
وحسب ما أعلنه بن إبراهيم، فإن الدراسة الحكومية تقترح إحداث وحدات سكنية مخصصة للكراء بأسعار تقل عن تلك المتداولة حالياً في السوق، خصوصاً في وسط المدن والمناطق القديمة التي تملك إمكانات إعادة التأهيل.
وستُناط مهمة بناء أو اقتناء هذه المساكن، حسب المسؤول الحكومي إلى مؤسسات جهوية عمومية تُكلَّف بتوفير هذه الوحدات وإعادة تأهيلها، وكرائها للمواطنين بعقود طويلة الأمد، مع استحداث صيغة جديدة تُمكِّن المكتري من ادخار جزء من مبلغ الكراء شهرياً، ليُستثمر لاحقاً كمساهمة أولى في اقتناء السكن نفسه أو أي سكن بديل.
ورغم أن ملامح الدراسة لم تُكشف بشكل كامل، إلا أن هذا المقترح، الذي يستند إلى فلسفة "الكراء المنتج"، يُنتظر أن يفتح نقاشاً واسعاً داخل المؤسسة التشريعية والمجتمع المدني على حد سواء، خاصة وأنه يعيد الاعتبار للكراء كخيار سكني مستقر، لا كحل مؤقت محكوم بهشاشة العلاقة بين الطرفين.
من جهته، دعا رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، إدريس السنتيسي، إلى توسيع نطاق هذه الدراسة لتشمل تحفيزات ضريبية تُشجع المستثمرين الخواص على الدخول في مشاريع سكنية مخصصة حصراً للكراء، إلى جانب إحياء وتفعيل مقتضيات القانون 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى التملك.
مصيفا أن القانون ظل حبيس الأدراج لسنوات طويلة دون أن يعرف طريقه إلى التطبيق العملي.
وفي تعقيبه، أبدى بن إبراهيم انفتاح الحكومة على توسيع قاعدة الشراكات مع القطاع الخاص بعد انطلاقة تجريبية تقودها المؤسسات العمومية الجهوية، مع التزامه بأن تشمل الصيغة النهائية للمشروع آليات تحفيزية متعددة الأطراف، تشمل الأبناك والمستثمرين المحليين، في إطار تعاقدي يخضع للرقابة والمساءلة، ويهدف في نهاية المطاف إلى استعادة الثقة في سوق الكراء وضمان كرامة المواطن.