بعد شهور من الانتظار.. وزارة التضامن تُعمق معاناة أسر الأطفال المعاقين ذهنيا

الكاتب : انس شريد

15 مايو 2025 - 08:30
الخط :

تجددت الاحتجاجات أمام مقر وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة بالرباط، اليوم الخميس 15 ماي 2025، حيث نظم العشرات من الأطر التربوية وآباء وأمهات الأطفال في وضعية إعاقة ذهنية وقفة احتجاجية سلمية، مطالبين بتدخل عاجل لإنهاء أزمة تأخر صرف المنح المالية المتعلقة ببرنامج تمدرس الأطفال المعاقين ذهنياً، والتي تراوح مكانها منذ شهور، دون أي تجاوب رسمي من الجهات الوصية.

الوقفة الاحتجاجية، التي دعت إليها “جمعية آباء وأصدقاء الأطفال المعاقين ذهنياً”، شهدت مشاركة مكثفة لممثلين عن الأسر المتضررة وأطر الجمعية القادمين من الدار البيضاء ومناطق أخرى، في خطوة وُصفت بكونها “صرخة جماعية” ضد ما اعتبروه تهميشاً ممنهجاً لفئة من المواطنين تعيش أوضاعاً هشّة، وتتطلب رعاية متواصلة وتمويلاً مستداماً لضمان حقها في التعليم والتأهيل.

ورفع المشاركون شعارات منددة بالجمود الإداري بشأن المصادقة على منحة الدعم، مؤكدين أن هذا التأخير المالي تسبب في توقف شبه كلي لخدمات الجمعية، وترك العاملين دون أجور لأشهر، ما انعكس بشكل مباشر على الأطفال المستفيدين، وأدخل المراكز في حالة من الشلل التربوي والإداري.

الجمعية، التي تُعد واحدة من أنشط الفاعلين في مجال إدماج الأطفال المعاقين ذهنياً، كانت تعتمد على دعم الدولة المقدم في إطار صندوق التماسك الاجتماعي، غير أن توقف صرف هذه المنحة برسم الموسم الجاري أدخلها في أزمة مالية خانقة، تهدد استمراريتها وتهدد معها مصير المئات من الأطفال والأطر.

وقد أفاد رئيس الجمعية، علي رضوان، في تصريحات صحفية، أن عدد الأطفال المسجلين في المراكز الثلاثة التابعة للجمعية يصل إلى 670 طفلاً، بينما يبلغ عدد الأطر التربوية والإدارية حوالي 240 شخصاً، جميعهم لم يتوصلوا بمستحقاتهم منذ عدة شهور، ما أثر على جودة الخدمات، بل وأوقف بعض الأنشطة الحيوية التي كانت موجّهة لفئة تتطلب رعاية دقيقة ومستمرة.

المشاركون في الوقفة حمّلوا وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي مسؤولية هذا التعثر، متهمين إياها بالتقصير وعدم التفاعل مع مراسلات الجمعية ومناشداتها المتكررة. كما عبّر عدد من أولياء الأمور عن خيبة أملهم من غياب أي بديل مؤسسي يمكن أن يضمن استمرارية تعليم أبنائهم ورعايتهم، مشيرين إلى أن فئة الأطفال في وضعية إعاقة ذهنية تُعد من أكثر الفئات الاجتماعية هشاشة، وأن الانقطاع عن البرامج التأهيلية يهدد بتدهور حالتهم النفسية والسلوكية، ويقوض كل ما تم تحقيقه خلال السنوات الماضية من جهود الإدماج والتطوير التربوي.

من جانبها، أكدت الجمعية في بلاغ موجه إلى الرأي العام أن كل المحاولات التواصلية التي باشرتها مع المؤسسات المعنية، وعلى رأسها التعاون الوطني والوزارة الوصية، لم تلقَ أي تجاوب فعلي، مشيرة إلى أن هذه الأزمة لا تعني الجمعية فقط، بل تنعكس على أسر بأكملها تعيش على وقع القلق والخوف من المجهول.

ودعت الجمعية في الوقت ذاته كافة مكونات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية إلى الانخراط في دعم هذا الحراك السلمي، والانتصار لقضية لا تحتمل التأجيل، محذرة من أن استمرار هذا الوضع سيدفع نحو مزيد من التصعيد في الأيام المقبلة.

وحملت الوقفة التي مرّت في أجواء سلمية وإنسانية، رسائل قوية إلى صناع القرار، في وقت تسود فيه تساؤلات واسعة حول مصير الدعم الاجتماعي وفعالية الآليات المؤسساتية المعتمدة في تدبير قضايا الإعاقة. ففي غياب حلول فورية، ووسط تجاهل رسمي طال أمده، تبدو الأزمة مرشحة للتفاقم، في ما يشبه انهياراً وشيكاً لمنظومة رعاية فئة يُفترض أن تكون في قلب السياسات الاجتماعية لا في هامشها المنسي.

آخر الأخبار