بين أسعار اللحوم ودعم "الفراقشية".. حسم أولوية المهام الاستطلاعية يشعل الجدل داخل البرلمان

الكاتب : انس شريد

17 مايو 2025 - 11:50
الخط :

يتجه مكتب لجنة القطاعات الإنتاجية يوم الاثنين إلى الحسم في اختيار المهمة الاستطلاعية ذات الأولوية، في ظل تعدد المقترحات المطروحة أمامه، والتي تشمل ملف أسعار اللحوم الحمراء، ودعم استيراد الأبقار، وسلسلة الحبوب.

ويُرتقب أن يُرفع المقترح النهائي إلى مكتب مجلس النواب قصد الموافقة على تشكيل اللجنة، وسط ترقب سياسي وشعبي كبير لما ستؤول إليه هذه الخطوة.

المقترحات المطروحة تعكس قضايا آنية شغلت الرأي العام في الأسابيع الأخيرة، غير أن الملف المرتبط باستيراد الأبقار واللحوم يبدو أنه سيفرض نفسه باعتباره أولوية قصوى، في ظل تزايد الأصوات المطالبة بكشف حقيقة ما أصبح يعرف بـ"دعم الفراقشية".

هذا الملف، الذي أثار تفاعلات واسعة داخل البرلمان وخارجه، تحوّل إلى موضوع نزاع رقابي بين الفرق النيابية، بعدما انطلقت مطالب من المعارضة تدعو إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق لكشف ملابسات توزيع الدعم، ومدى شفافيته، وتحديد الفئات المستفيدة منه.

في المقابل، تفضل فرق الأغلبية إبقاء المسألة داخل إطار المهمة الاستطلاعية، التي تتيح الاطلاع على التفاصيل من دون التصعيد السياسي الذي قد يربك عمل الحكومة.

التوتر السياسي زادت حدته بعد تضارب الأرقام المصرح بها من قبل مسؤولين حكوميين حول الكلفة المالية لدعم الاستيراد. ففي الوقت الذي تحدث فيه نزار بركة، وزير التجهيز والماء، عن دعم تصل تكلفته إلى 13 مليار درهم، خرج رئيس مجلس النواب رشيد الطالبي العلمي لينفي هذه المعطيات، مشيراً إلى أن الكلفة الحقيقية لا تتجاوز 300 مليون درهم.

هذا التناقض دفع وزارة الفلاحة إلى إصدار بيان توضيحي أكدت فيه أن الكلفة بلغت 437 مليون درهم موزعة على عامي 2023 و2024، ما عمّق من حالة الارتباك وفتح باب التساؤلات حول مدى دقة وشفافية الأرقام الرسمية.

وزاد التضارب في التصريحات والمعطيات من تعقيد الملف، وطرح علامات استفهام كبرى حول الحكامة في تدبير الدعم العمومي المخصص للقطاع الفلاحي، خاصة في ظل شكاوى صغار الفلاحين من غياب الدعم الحقيقي، وشكوك بشأن استفادة فئات محدودة من كبار المستثمرين من الغلاف المالي المخصص للعملية.

وبينما تحذر المعارضة من محاولة التستر على ما تصفه بـ"خلل في تدبير المال العام"، تؤكد الأغلبية أن معالجة الموضوع داخل أطر مؤسساتية هادئة أكثر فاعلية من التصعيد الإعلامي والسياسي، الذي قد ينعكس سلباً على مناخ الاستثمار الفلاحي، وعلى جهود الدولة لمواجهة تحديات الغلاء وضمان استقرار السوق الوطنية.

في خلفية هذا السجال، تبرز هواجس أعمق تتعلق بتراجع الثقة في السياسات العمومية، لاسيما في الوسط القروي الذي يعاني من تداعيات الجفاف وارتفاع أسعار المواد الأولية، ما يجعل من ملف دعم استيراد الأبقار مؤشراً على إشكالات أوسع تخص العدالة المجالية والاجتماعية.

وبين ترقب حسم لجنة القطاعات الإنتاجية في اختيار المهمة ذات الأولوية، وتطلّع الفرق البرلمانية إلى ممارسة دورها الرقابي، يبقى الرهان على أن تشكل المؤسسة التشريعية فضاءً فعالاً للمساءلة، وموقعاً لإعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة، في قضايا تلامس صميم معيشه اليومي، وتختبر صدقية الشعارات المرتبطة بالحكامة والشفافية في تدبير الشأن العام.

آخر الأخبار