المغرب يتحكم بالطيران العسكري فوق صحرائه وينتظر نقل المدني من إسبانيا

في تحول لافت على مستوى إدارة السيادة الجوية في منطقة الصحراء المغربية، بدأ المغرب في بسط سيطرته الفعلية على المجال الجوي لأقاليمه الجنوبية، بعد عقود من تحكم إسبانيا، عبر جزر الكناري، في مراقبة هذا المجال الحساس.
ووفقًا لتقارير إعلامية إسبانية، فإن القوات المسلحة الملكية المغربية أصبحت الجهة الوحيدة التي تدير حركة الطيران العسكري فوق أجواء الصحراء، بينما لا تزال إدارة الرحلات الجوية المدنية تحت إشراف شركة “إينير” الإسبانية انطلاقًا من جزر الكناري.
وتشير التقارير ذاتها إلى أن مراقبين جويين من داخل الشركة أكدوا أن الجانب المغربي يتولى حالياً القيادة الكاملة للمجال العسكري، فيما تتواصل المفاوضات بين الرباط ومدريد من أجل نقل إدارة المجال الجوي المدني بشكل كلي إلى المغرب.
المعطيات التي أوردتها وسائل إعلام إسبانية، نقلاً عن مصادر من داخل شركة “ENAIRE”، تفيد بأن المغرب يتولى بشكل مستقل مراقبة وتنظيم المجال الجوي العسكري في أقاليمه الجنوبية، في حين لم يطرأ أي تغيير على مستوى تسيير الرحلات الجوية المدنية، التي لا تزال تُدار تقنياً من الأراضي الإسبانية.
ووفقا لتقارير إعلامية إسبانية، فإن لجنة مشتركة بين البلدين، تضم خبراء ومهنيين في مجال الطيران، تعقد اجتماعات دورية في إطار مجموعة العمل التقنية المكلفة ببحث تفاصيل نقل إدارة الأجواء، حيث تم عقد لقاءين حتى الآن وصفا بـ”السريين” لدراسة الجوانب التقنية والتنسيق في مجال السلامة الجوية.
وتندرج هذه التطورات في إطار الدينامية الجديدة التي تشهدها العلاقات الثنائية بين المغرب وإسبانيا، منذ توقيع إعلان مشترك بين الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز في 7 أبريل 2022، وهو الاتفاق الذي فتح صفحة جديدة من التعاون المبني على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
كما أوردت التقارير ذاتها أن المغرب عبّر بوضوح خلال لقاءات رسمية عن رغبته في استعادة إدارة المجال الجوي فوق أقاليمه الجنوبية، ووجد تجاوبًا من الجانب الإسباني الذي يدرس تفاصيل نقل هذه المسؤولية في إطار شراكة استراتيجية شاملة.
ويرى مراقبون أن هذا التحول يعكس تطورًا نوعيًا في موقع المغرب إقليميًا، إذ لم يعد يكتفي بتأمين سيادته البرية في الصحراء، بل بات يعمل على استكمال السيادة الجوية، من خلال التحكم الكامل في المجال الجوي، بما في ذلك الطيران العسكري الذي بات تحت إشرافه الحصري.
وفي هذا السياق، شددت المصادر الإعلامية ذاتها على أن نقل إدارة المجال الجوي بشكل كامل إلى المغرب أصبح مسألة وقت، خاصة في ظل الإرادة السياسية المتبادلة بين الرباط ومدريد، والمناخ الإيجابي الذي يطبع علاقاتهما الثنائية في مختلف المجالات، من الاقتصاد إلى الأمن والهجرة والتعاون الإقليمي.
تأتي هذه الخطوة في وقت يشهد فيه التعاون المغربي-الإسباني تطورًا ملموسًا، يعكسه التنسيق الوثيق بين البلدين في قضايا إقليمية ودولية، وسط رهان مشترك على تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة.
كما يُرتقب أن تعزز هذه الخطوة من مكانة المغرب كشريك استراتيجي موثوق به في إدارة قضايا الأمن الجوي جنوب المتوسط، وترسيخ سيادته الكاملة على كل مجالاته الترابية والجوية.