بووانو: سبعة برلمانيين استغلوا رخص استيراد المواشي لمصالحهم.. والمواطن هو الضحية

وجه عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، انتقادات حادة للحكومة بسبب ما وصفه بـ"العبث والتسيب" في تدبير أحد أهم القطاعات الحيوية بالمغرب، وعلى رأسها قطاع الفلاحة، متحدثاً عن فشل ذريع في تحقيق الأمن الغذائي وتبديد للمال العام دون نتائج ملموسة تعود بالنفع على المواطن.
وخلال ندوة صحفية عقدها الحزب يوم الخميس بمقره في الرباط، فجّر بووانو معطى خطيراً يتعلق بعمليات استيراد المواشي، مشيراً إلى أن نائباً برلمانياً واحداً فقط تمكن من بيع وصل استيراد 12 ألف رأس من الغنم في يوم واحد، ما يطرح علامات استفهام كبيرة حول نزاهة هذه العمليات ومستوى الرقابة المؤسسية عليها.
وأضاف أن هذه الحالة ليست معزولة، بل تم تسجيل حصول سبعة برلمانيين آخرين على رخص مماثلة، استخدمت بحسبه لأغراض تجارية بحتة، متجاهلين مبدأ خدمة الصالح العام.
واعتبر بووانو أن هذه الممارسات تُفقد الثقة في المؤسسات التمثيلية، وتضرب في العمق مصداقية منظومة الدعم والتدبير العمومي، داعياً إلى فتح تحقيق شفاف ومستعجل لكشف هوية المستفيدين الحقيقيين من هذه الامتيازات، وتحديد الجهات التي تقف وراء منح هذه التراخيص بطريقة يكتنفها الغموض.
كما شدد على ضرورة ترتيب المسؤوليات ومعاقبة المتورطين، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الغذائية التي ترهق القدرة الشرائية للمواطنين.
ولم تقتصر انتقادات بووانو على الشق المتعلق بالاستيراد، إذ كشف خلال الندوة نفسها أن الدعم العمومي الموجه للقطاع الفلاحي خلال الفترة ما بين 2021 و2024 تجاوز 61 مليار درهم، وفق معطيات رسمية قدمها من خلال جدول مفصل لبرامج الدعم، مبرزاً أن هذا المبلغ الهائل لم يُترجم إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع، لا على مستوى أسعار السوق، ولا على صعيد تحسين أوضاع الفلاحين الصغار أو مربي الماشية.
وضرب بووانو مثالاً بدعم نوع معين من الطماطم المزروعة في البيوت المغطاة، والذي يُمنح لهكتار واحد منه ما مجموعه 70 ألف درهم، في حين أن هذا الدعم بحسبه يذهب لشخصين فقط، أحدهما بمنطقة اشتوكة آيت باها، والثاني بجهة فاس مكناس، ما يعكس خللاً في عدالة توزيع الدعم.
وفي ما يخص قطاع الثروة الحيوانية، كشف بووانو عن تراجع خطير في أعداد القطيع الوطني بين عامي 2016 و2025، حيث انخفض عدد رؤوس الأغنام من 19 مليون رأس إلى 12 مليون فقط، وعدد رؤوس الماعز من 5 ملايين إلى 3 ملايين.
واعتبر أن هذا التراجع يعكس فشل "المخطط الأخضر" في تحقيق الاكتفاء الذاتي، مؤكدا وجود خلل هيكلي في إدارة هذا القطاع الحساس، متهماً الحكومة بعدم التوفر على رؤية استباقية لدعم الكسابة وإعادة بناء القطيع.
وسجل البرلماني أن الدولة تكبدت، بسبب وقف استيفاء الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة على استيراد الأبقار والأغنام، ما مجموعه 13.119 مليار درهم، حسب ما ورد في وثائق رسمية مرافقة لمشروع قانون المالية لسنة 2025.
وأمام هذا الواقع، تساءل بووانو عن كيفية تراجع القطيع الوطني من 7.8 ملايين رأس بتاريخ 29 أبريل 2024، إلى مليون رأس فقط في 5 دجنبر من نفس السنة، معتبراً أن ما يحدث لا يمكن تبريره لا بتقلبات السوق العالمية ولا بعوامل مناخية، بل هو نتاج مباشر لسياسات حكومية وصفها بـ"الفاشلة" و"المتفككة"، تخدم مصالح لوبيات بعينها على حساب المواطن البسيط.
وفي ختام كلمته، شدد بووانو على أن معالجة هذه الأزمة تبدأ أولاً بإرادة سياسية حقيقية لمكافحة الريع والفساد، وإرساء قواعد واضحة للشفافية والعدالة في توزيع الدعم العمومي.
كما دعا إلى مراجعة شاملة لسياسات الدعم الفلاحي، وتوجيهها للفئات التي تستحقها فعلياً، بدل تركها فريسة للمضاربين والمتنفذين في دواليب القرار.