هدم واسع لفيلات في البيضاء لتهيئة مسار القطار فائق السرعة نحو ملعب بنسليمان

تعيش مدينة الدار البيضاء على إيقاع تحولات عمرانية متسارعة، تحركات كثيفة تدور بصمت لكنها ترسم ملامح مشروع استراتيجي ضخم، يرتبط مباشرة برهانات المملكة لاحتضان كأس العالم 2030.
وشرعت السلطات المحلية، وفقا لماعاينته الجريدة 24 في تنفيذ عمليات هدم واسعة لمجموعة من الفيلات والبنايات الواقعة بمحاذاة المسار المخصص للقطار فائق السرعة، الذي سيربط العاصمة الاقتصادية بمدينة بنسليمان حيث يُنتظر أن يُشيد أحد أكبر الملاعب العالمية.
وأشرفت السلطات المحلية التابعة لعمالة عين السبع الحي المحمدي، أشرفت على عمليات هدم مدروسة شملت بنايات فخمة تم إدراجها ضمن المسار المستقبلي لخط السكة الحديدية.
هذه العمليات جاءت بعد استكمال مسطرة نزع الملكية وتعويض أصحاب العقارات المتضررة، في إطار مقاربة قانونية متكاملة اعتمدها المكتب الوطني للسكك الحديدية، ما ضمن سلاسة في الإجراءات وتفادي أي صدام مع الساكنة.
وتؤكد المعطيات المتوفرة أن التعويضات المالية قد صُرفت بشكل مسبق لأصحاب البنايات، مع إشعارهم المسبق بعمليات الهدم، وهو ما ساهم في تمرير الأشغال في أجواء هادئة وبعيدة عن التوتر.
هذه الخطوات تدخل ضمن التحضير لتشييد خط جديد للقطارات فائقة السرعة (TGV) والذي سيكون جزءًا من شبكة القطارات الجهوية السريعة (RER)، ويُرتقب أن يربط بين مطار محمد الخامس وملعب بنسليمان، ما من شأنه أن يعزز ربط الجهة ببنياتها الحيوية ويضمن انسيابية في تنقل الجماهير والمنتخبات خلال مونديال 2030.
وفي سياق متصل، تم رصد استثمارات ضخمة لتأهيل المحاور الطرقية المؤدية إلى ملعب بنسليمان الكبير، حيث خصصت الحكومة غلافًا ماليًا يتجاوز 600 مليون درهم لتحديث الشبكة الطرقية عبر إنجاز أربعة مقاطع حيوية، تشمل تثليث الطريق الإقليمية 3308، وإنشاء ممرات تحت أرضية عند البدال الشمالي، إلى جانب تثنية الطريق 3323، وتهيئة الطريق 3304 في اتجاه المنصورية، وتمديد الأشغال لتطال الطريق الجهوية 313.
وتهدف هذه الأشغال إلى ضمان انسيابية الحركة المرورية وتوفير ممرات عصرية تواكب حجم الضغط المنتظر خلال تنظيم الحدث العالمي.
هذه المشاريع، بما تحمله من طابع استراتيجي وتكلفة مالية مهمة، تعكس إصرار المغرب على تجاوز مجرد التنظيم الرياضي، نحو مشروع وطني شامل يعيد رسم خريطة البنيات التحتية ويؤسس لنموذج تنموي جديد، تترجمه الدينامية الميدانية التي تعرفها مختلف الأقاليم والجهات المستهدفة.
وفي قلب هذه الرؤية، يبرز ملعب بنسليمان الكبير كأيقونة معمارية ورياضية بامتياز، حيث يُنتظر أن تصل طاقته الاستيعابية إلى نحو 115 ألف متفرج، ليُصنف ضمن أكبر ملاعب العالم.
هذا الملعب، المرشح لاحتضان مباريات كبرى وربما حتى المباراة النهائية لكأس العالم، يُجسد التزام المغرب بالمعايير الدقيقة التي تفرضها الفيفا، سواء من حيث البنية التقنية أو الطابع الجمالي والبيئي، ليصبح بذلك عنوانًا لرؤية مغربية طموحة لا تكتفي ببلوغ العالمية بل تسعى لتصدير نموذج يحتذى به في التخطيط والتنفيذ والاستدامة.