الأحياء الشعبية تفقد حركيتها المعتادة مع غياب مهن العيد

تستقبل المملكة المغربية عيد الأضحى هذا العام في أجواء استثنائية تطغى عليها مشاعر الالتزام والمسؤولية، حيث لبّت الأسر المغربية نداء الإهابة الملكية القاضية بعدم ذبح الأضاحي، في خطوة تهدف إلى حماية القطيع الوطني المتضرر بفعل سنوات الجفاف المتتالية.
غير أن هذا القرار، على الرغم من أبعاده الوطنية والاجتماعية، ألقى بظلاله الثقيلة على شريحة واسعة من الشباب المغربي الذين اعتادوا، في مثل هذه المناسبة، على ممارسة مهن موسمية كانت تدر عليهم بعض الدخل المؤقت وتمنحهم فسحة مالية وسط واقع البطالة المتفاقم.
ففي الأيام التي تسبق العيد عادة، كانت الأحياء المغربية، لا سيما في المدن الكبرى كمدينة الدار البيضاء، تتحول إلى فضاءات نابضة بالحياة، حيث تتكاثر أنشطة الشباب الذين يقودون مشهداً اقتصادياً مؤقتاً لكنه حيوي. منهم من يعرض الفحم والعلف، ومنهم من يشحذ السكاكين أو يشوي رؤوس الأضاحي في الأزقة، فيما ينشغل آخرون بنقل الأغنام إلى البيوت باستعمال العربات المجرورة.
لكن هذا العام، غابت كل هذه المشاهد دفعة واحدة، تاركة خلفها صمتاً ثقيلاً في شوارع وأحياء كانت لا تهدأ.
ورصدت"الجريدة 24"، ومن خلال جولة ميدانية، غيابا شبه كلي للتحضيرات التي كانت تسبق عادة يوم العيد، حيث تلاشت مظاهر السوق الموسمي والازدحام المعتاد، وغابت أكوام التبن و"الزرواطة" وروائح الشواء، لتحل محلها أجواء أقرب إلى الأيام العادية منها إلى عيد ينتظره المغاربة كل سنة بشغف.
شباب الحي الذين كانوا يستعدون لاقتناص فرصة بيع كميات من الفحم أو المشاركة في عملية الذبح أو التنظيف، وجدوا أنفسهم هذه السنة بلا موارد، محرومين من موسم يعتبره الكثيرون بمثابة "فرصة العمر" السنوية.
ولا يتعلق الأمر فقط بعاطلين عن العمل يبحثون عن رزق مؤقت، بل يتجاوزه ليشمل أيضا الطلبة، والعمال الموسميين، والحرفيين الذين كانوا يجدون في العيد هامشاً لتوسيع أنشطتهم، حتى وإن كانت مؤقتة وغير مهيكلة. فالمهن الموسمية المرتبطة بعيد الأضحى، ورغم بساطتها، كانت تشكّل دورة اقتصادية سنوية تقدَّر معاملاتها بمليارات الدراهم.
وبحسب عدد من التقارير الاقتصادية، فإن رقم معاملات هذه الأنشطة كان يتراوح بين 3 و4 مليارات درهم سنوياً، رغم أنها تندرج ضمن ما يسمى بـ"الاقتصاد غير المهيكل"، الذي لا يخضع للضرائب ولا يملك إطاراً قانونياً واضحاً.
ورغم التحفظ الرسمي على بعض هذه الأنشطة باعتبارها خارج النظام الاقتصادي المهيكل، فإنها كانت ولا تزال تشكّل شرياناً مالياً للكثير من الأسر المعوزة، وتضطلع بدور اجتماعي غير معلن.
وتوفر هذه الأعمال المؤقتة دخلاً سريعاً يمكّن العديد من الشباب من سد حاجياتهم الأساسية أو مساعدة ذويهم في مصاريف الحياة اليومية.