برلمانية تراسل اخنوش بسبب استغلال معطيات الدعم الاجتماعي في الانتخابات

مع اقتراب العدّ التنازلي للانتخابات التشريعية والجماعية المقبلة، عادت إلى الواجهة تساؤلات حارقة حول نزاهة استخدام المعطيات الشخصية التي باتت في متناول مؤسسات حكومية ذات صلة مباشرة بالمواطنين.
البرلمانية فاطمة التامني، عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فجّرت الملف تحت قبة البرلمان بسؤال كتابي موجه لرئيس الحكومة عزيز أخنوش، عبرت فيه عن "تخوفات مشروعة" من استغلال محتمل لمعطيات الوكالة لأغراض انتخابية، خصوصا في ظل "العلاقة المهنية السابقة" بين رئيس الحكومة ومديرة الوكالة ذات الصلة بالدعم الاجتماعي التي كانت تشغل مناصب عليا ضمن الهولدينغ الذي يملكه أخنوش
غياب لآليات الرقابة
القانون المؤسس للوكالة (رقم 59.23)، والذي صادق عليه البرلمان قبل سنتين، منحها صلاحيات غير مسبوقة، لا سيما تلك المنصوص عليها في المادة الثالثة، والتي تخول لها الوصول إلى بيانات حساسة وشخصية لملايين المغاربة المستفيدين من نظام الدعم.
هذا الامتياز، الذي يفترض أن يكون محكومًا بضوابط صارمة لحماية المعطيات الشخصية، يطرح، وفق مراقبين، إشكالات استقلالية المؤسسة، في ظل "غياب آليات رقابة مستقلة"، ما يجعل الحديث عن إمكانات توظيف حزبي لهذه البيانات خلال الحملات الانتخابية أمرا لا يخلو من مشروعية.
ذاكرة الانتخابات السابقة حاضرة
التحذير الذي أطلقته التامني استعاد أيضا سابقة انتخابية لا تزال حاضرة في أذهان عدد من الناخبين، حين تم استغلال أرقام هواتف المواطنين في الانتخابات الماضية من قبل بعض أحزاب الأغلبية لإرسال رسائل نصية ترويجية دون موافقتهم، وهو ما اعتبر حينها خرقا لقانون حماية المعطيات الشخصية وضربًا لمبدأ تكافؤ الفرص.
ورغم الضجة الإعلامية والسياسية التي أحدثها الحادث، لم تعلن اللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية (CNDP) عن إجراءات تأديبية أو فتح تحقيق علني في الموضوع، مما عزّز الشعور بغياب المحاسبة في ملفات تتعلق بثقة المواطنين.
المطالبة بضمانات
ودعت النائبة فاطمة التامني رئيس الحكومة إلى تقديم توضيحات رسمية حول الإجراءات الوقائية التي تعتزم الحكومة اتخاذها لضمان عدم تسخير بيانات الوكالة في الحملات المقبلة، وحماية المواطنين من "أي استغلال سياسي أو حزبي لمعلوماتهم الخاصة".
هذا المشكل، وفق البرلمانية، يفرض مراجعة الإطار القانوني الناظم للوكالة، وضمان استقلالية إدارتها عن السلطة التنفيذية، خصوصا في الشق المتعلق بتسيير قواعد المعطيات، والربط المباشر مع منظومة الأمن السيبراني ومؤسسات الحماية الدستورية.
من يحمي المواطن؟
الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي تعد اليوم من أهم أدوات الدولة الاجتماعية الجديدة، ويعول عليها لتوزيع موارد مالية بشكل مباشر على الأسر المعوزة، ما يمنحها قدرة غير مسبوقة على التأثير في المزاج الانتخابي، خصوصا في العالم القروي والهامشي.
ومع تصاعد التنافس السياسي واحتدام الحملات قبل أوانها، تغدو مسألة فصل الدعم الاجتماعي عن التوظيف السياسي ضرورة ملحّة، حفاظا على ثقة المواطن وضمانا للشفافية، خصوصا في ظل تزايد مؤشرات العزوف السياسي وغياب الثقة في المؤسسات، وفق آخر تقارير استطلاعية مثل "أفروباروميتر".