هل تلاعبت شبكات مشبوهة بلحوم العيد في الدار البيضاء

لا زالت ساكنة حي المسيرة 3 بمنطقة مولاي رشيد في الدار البيضاء، تعيش على وقع صدمة حقيقية بعد العثور على بقايا حمير وبغال في ظروف مشبوهة، وسط تساؤلات متصاعدة عن مصير لحوم هذه الحيوانات وما إذا كانت قد وجدت طريقها إلى موائد المواطنين في غفلة من أعين الرقابة.
https://youtu.be/NZ36Jb5ALrY?si=k38DzNO5BXSN0Ysw
واستنفرت الواقعة التي تفجرت طيلة الأيام الماضية، مختلف الأجهزة المعنية، حيث حلّت بعين المكان السلطات المحلية والأمن الوطني ومصالح البيطرة، إلى جانب مكتب حفظ الصحة، لمباشرة التحقيقات والمعاينات الأولية.
وانتشرت صور العظام والهياكل الحيوانية المتناثرة وسط أكياس بلاستيكية على مواقع التواصل الاجتماعي، مما زاد من قلق السكان، خاصة مع تكرار الحوادث المرتبطة بذبح الحيوانات خارج المسالك القانونية.
ووفقا لمصادر "الجريدة 24"، فإن الأمر يتجاوز مجرد التخلص من جيف حيوانات نافقة، ويرجّح وجود شبكة غير قانونية تنشط في ذبح الحمير وترويج لحومها، خصوصًا في بعض مطاعم الوجبات السريعة بالأحياء الشعبية، التي يصعب فيها تتبع سلسلة التوريد والمراقبة الصحية.
هذا السيناريو يعيد إلى الواجهة مجددًا إشكالية "الذبيحة السرية" التي تبرز كل عام في مثل هذه الفترات الحساسة.
وتزداد حدة المخاوف في ظل العثور على بقايا عظام وهياكل، يوم أمس الثلاثاء، وهو ما يعزز فرضية وجود نشاط منظّم يُدار من خلف الستار، ويستهدف المستهلك المغربي بشكل مباشر من خلال لحوم لا تخضع لأدنى شروط السلامة أو المراقبة البيطرية.
الخطير في الأمر لا يقتصر فقط على خرق القانون، بل يمتد إلى تهديد الصحة العامة، حيث تُعد لحوم الحمير والبغال مصدرًا محتملاً لأمراض خطيرة مثل السل وداء الكلب والحمى المالطية، ناهيك عن حالات التسمم الغذائي التي يمكن أن تنتج عن نقلها وتخزينها في ظروف غير صحية.
وتُطرح بذلك تساؤلات جدية حول دور المراقبة المستمرة للمصالح البيطرية، وكذا مدى قدرة السلطات المحلية على التصدي لهذه الظواهر المتكررة.
وعبرت ساكنة المنطقة في حديثها للجريدة 24، عن قلقها من تكرار هذه الجرائم التي تهدد السلامة الغذائية للمواطنين، خاصة في ظل السياق الحالي الذي يشهد ارتفاعًا مهولًا في أسعار اللحوم الحمراء.
ففي الوقت الذي تجاوز فيه سعر لحم الغنم 150 درهمًا للكيلوغرام، ولحم العجل 120 درهمًا، يجد المواطن نفسه بين فكي الغلاء من جهة، واحتمال الوقوع ضحية لحوم مجهولة المصدر من جهة ثانية.
وتأتي الواقعة في ظرفية دقيقة تتسم بندرة القطيع وارتفاع كلفة الأضاحي، وهو ما دفع جهات غير نزيهة إلى محاولة استغلال الظرفية لتمرير لحوم مشبوهة إلى السوق، مستفيدة من ضعف الرقابة أحيانًا، وتهاون بعض أصحاب المطاعم والمحال التجارية الذين لا يكترثون بمصدر ما يقدمونه لزبائنهم.
وتؤكد هذه القضية مجددًا أن الذبيحة السرية لم تعد مجرد ممارسة هامشية، بل تحولت إلى نشاط منظم تحركه شبكات تسعى إلى الربح السريع على حساب صحة المستهلك.
ومن المرتقب أن تكشف التحقيقات التي تباشرها السلطات تحت إشراف النيابة العامة بلا شك عن خيوط أكثر تعقيدًا، وربما أسماء متورطة لم تكن في الحسبان.
وإلى أن تتضح معالم هذا الملف، تبقى أعين المغاربة مشدودة إلى نتائج التحقيق، في وقت تتزايد فيه المطالب الشعبية بتشديد الرقابة، وتكثيف الحملات المفاجئة، وردع كل من تسوّل له نفسه تعريض صحة المواطنين للخطر، خاصة أن خلال فصل الصيف يكون هناك إقبال كبير على المطاعم.