رغم الإصلاحات.. الصفقات العمومية تعاني اختلالات

رغم الجهود التي تحاول الحكومات المتعاقبة بذلها لتحديث منظومة الصفقات العمومية، إلا أن هذا القطاع لا يزال يواجه اختلالات مؤسساتية وقانونية، تؤثر على شفافيته ونجاعته، وتحد من قدرته على مواكبة تحولات المقاولة المغربية ومتطلبات التنمية الاقتصادية.
هذا ما كشف عنه الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، خلال عرضه الأخير أمام البرلمان، حيث أقر بوجود صعوبات حقيقية في تنزيل المقتضيات القانونية للصفقات العمومية على أرض الواقع، نتيجة غياب مرجع موحد لتأطير هذا المجال الحيوي.
تأخر في معالجة النزاعات
أبرز أوجه القصور تتجلى في غياب هيئة مغربية متخصصة تعنى بتتبع تنفيذ الصفقات العمومية وإبداء الرأي القانوني في النزاعات الناشئة، ما يتسبب في تباين التفسيرات القانونية، وتأخر معالجة الخلافات التي تعترض مسار المشاريع، خاصة في ظل تعقيد المساطر وتعدد المتدخلين.
لقجع شدد على أن هذا الوضع يفرض إحداث مرجع مغربي خاص بالطلبيات العمومية، يكون بمثابة آلية دائمة للمواكبة والتقويم، تضمن الحسم القانوني في الخلافات، وتسهم في تحسين أداء المؤسسات العمومية فيما يتعلق بتدبير الصفقات.
تأخر في التنفيذ
وأشار الوزير، الذي كان يتحدث أمام البرلمانيين بمجلس النواب، الثلاثاء، إلى أن أصحاب المشاريع يواجهون صعوبات متنوعة أثناء مراحل الإنجاز، تتعلق أساسا ببطء الإجراءات الإدارية، وغموض بعض النصوص القانونية، مما يؤدي إلى تعطيل المشاريع أو ضعف جودة تنفيذها.
هذه الصعوبات، حسب لقجع، تحتاج إلى معالجة دينامية من خلال آليات جديدة تضمن السلاسة والفعالية، وتحاصر مظاهر التراخي أو التلاعب التي قد تبرز خلال تنزيل الصفقات، وهو ما يعد أحد مصادر هدر المال العام.
تناغم التشريع والتنزيل
الوزير المكلف بالميزانية أقر كذلك بأن جزءا من الإشكال يكمن في عدم التناغم بين التشريع وبين آليات التنزيل على مستوى المؤسسات، ما يضعف فعالية الإطار القانوني رغم تحديثه، ويحدث فجوة بين النص والتطبيق، وهو ما يعيق إرساء ثقافة حقيقية للحكامة الجيدة.
مرسوم بطموحات كبرى
وفي سياق الإصلاح، أوضح لقجع أن المرسوم الجديد رقم 2.22.431، الذي تم اعتماده مؤخرا، يهدف إلى إعادة تأهيل منظومة الصفقات العمومية، من خلال تبسيط المساطر، وتعزيز الشفافية، وتكييف المقتضيات مع المعايير الدولية، بما يتلاءم مع حاجيات الفاعلين الوطنيين، ويساهم في جذب الاستثمار وتحقيق التنافسية.